من المقدر أن يغادر سوريا قريباً فريق الأسلحة الكيميائية الأممي الذي يحقق في هجمات 21 أغسطس/آب قرب دمشق، ومن المنتظر أنه مع إصدار نتائج التحقيقات، فسوف يؤكد الفريق استخدام أسلحة كيميائية ضد الشعب السوري. إن الهجوم بالأسلحة الكيميائية على هذا النطاق الواسع يثير مخاوف استثنائية ويستلزم رد فعل جاد وفوري من المجتمع الدولي.
ليست هذه الهجمات المروعة إلا الجولة الأخيرة من الانتهاكات للقانون الدولي منذ بدأت الانتفاضة الشعبية قبل عامين. ولقد تجاوز حجم الخسائر البشرية في سوريا إلى الآن المائة ألف شخص، ونسبة ضخمة للغاية من القتلى من النساء والأطفال. هناك أكثر من 1.5 مليون لاجئ سوري في دول الجوار وأكثر من 4.25 مليون نسمة في عداد النازحين داخل الأراضي السورية.
من المؤسف أن هذا الهجوم بالأسلحة الكيميائية ليس المثال الأول على الانتهاكات البيّنة للقانون الدولي في سوريا. فعلى مدار العامين الماضيين أوضحت تقارير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في سوريا وجود حالة من التصعيد والتزايد في القسوة وانتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة، وأغلبها ارتكبتها القوات الحكومية. ولقد ارتكبت أيضاً جماعات معارضة للحكومة جرائم حرب، وتكررت دعوات المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان بنفس ما ذهبت إليه دعوات الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، بإحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية.
ورغم تصاعد الأزمة فقد أخفق المجتمع الدولي في التحرك؛ ما أدى إلى السماح بتدهور الموقف. على جانب، هناك مجموعات إسلامية راديكالية وإجرامية اخترقت البلاد، وعلى الجانب الآخر يستمر بيع الأسلحة للنظام مما سمح للحكومة بشن هجمات أشد قسوة على شعبها. إن الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان تدين بأقوى العبارات توفير الأسلحة المستخدمة في مهاجمة المدنيين، لا سيما الواردة من روسيا إلى النظام السوري.
إن إخفاق مجلس الأمن في اتخاذ الإجراء المناسب يقع في القلب من تدهور الوضع في سوريا. ولقد تجاهلت الهيئة الأممية المنوطة حفظ السلم والأمن وحماية المدنيين الاضطلاع بمسؤوليتها، ولم يصدر رد فعل يُذكر من العالم على هذا الصمت المخزي.
تدين الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان على وجه التحديد إساءة استخدام روسيا والصين حق الفيتو من أجل منع اتخاذ إجراءات رغم الجرائم ضد الإنسانية التي يشهدها الموقف حالياً. هناك مؤشرات واضحة باتجاه أن على الأمم المتحدة إصلاح إجراءاتها للحيلولة دون قدرة بعض الدول على شلّ حركة مجلس الأمن من خلال إساءة استخدام حق الفيتو في حالة وجود جرائم دولية.
واليوم، في أعقاب الهجمات بالأسلحة الكيميائية التي وقعت مؤخراً، والتي تعد بكل وضوح غير مشروعة بموجب القانون الدولي ومثال آخر على استهداف المدنيين في سوريا، يجب أن نشهد رداً فورياً وحازماً من المجتمع الدولي، لا سيما مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، المنوط سلطة ومسؤولية حصرية بالتصدي لمثل هذه الجرائم والحالات.
إن الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان تدعو مجلس الأمن مرة أخرى إلى أن ينفذ على وجه السرعة جميع الإجراءات اللازمة من أجل إنهاء تصعيد العنف في سوريا. وعلى الأقل، يجب فرض حظر أسلحة على سوريا لمنع المزيد من التصعيد وتمديد العنف.
كما يجب أن يحيل مجلس الأمن الموقف في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، لكي تحقق مع جميع أطراف النزاع في الجرائم ضد الإنسانية التي وقعت. إذا لم يمثل من ارتكبوا جرائم دولية في سوريا أمام العدالة، فسوف يعتبر هذا قبولاً ضمنياً بتصعيد المذابح وغيرها من الجرائم الدولية. وأي جهود باتجاه حل سياسي دائم في سوريا ستكون بلا جدوى من غير ضمان المحاسبة والعدالة.
كما تدعو الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان المجتمع الدولي إلى فرض جزاءات محددة الهدف ضد الأفراد في سوريا الذين يعتبرون هم الأكثر مسؤولية عن انتهاكات القانون الدولي، إلى أن يُحاكم هؤلاء الأفراد.
مع دعوة بعض الدول إلى التدخل العسكري في سوريا، تذكّر الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان المجتمع الدولي بأن حماية الشعب السوري من المزيد من الفظائع يجب أن تكون في القلب من أي تحرك في سوريا. على جميع الدول الالتزام بالقانون الدولي، لا سيما القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والقانون الجنائي، وأن تخضع للمحاسبة في حال وقوع خروقات جسيمة لهذه المعايير.