مصر: قانون الاجتماعات العامة الجديد يضفي الشرعية على قمع الشرطة للمظاهرات السلمية

29/11/2013
البيانات الصحفية
ar en

شهدت الأيام التي تلت اعتماد القانون الجديد المقيد للحق في الاجتماعات العامة والمواكب والمظاهرات السلمية في يوم 24 نوفمبر، تكاثر في حالات الاعتقال والاحتجاز من المتظاهرين السلميين. تستنكر الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب أحكام هذا القانون وتنفيذه من قبل الشرطة والسلطات القضائية التي نهدف إلى إسكات الأوصات المعارضة كما تدعو إلى التعديل الفوري للقانون بما يتفق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

وقال كريم لاهيجي، رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان: "إن الحق في التظاهر السلمي من مكتسبات ثورة 25 يناير الأساسية. تقييد هذا الحق الأصيل يعد انتكاسة كبرى. على السلطات المصرية أن تعدّل على الفور القانون الخاص بالتظاهر بحيث يصبح متفقاً مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان التي وردت في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية".

تعرب الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب عن عميق قلقها إزاء إدانة 21 متظاهرة شابة بأحكام مغلظة بالسجن، جراء الخروج في مسيرة على كورنيش الإسكندرية يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول 2013، وقد رفعن بالونات ولافتات تحمل رسائل دعم للرئيس المعزول محمد مرسي، وتنتقد الجيش.

في 27 نوفمبر/تشرين الثاني تم الحُكم على 14 متظاهرات من قِبل محكمة جنح سيدي جابر بالسجن 11 عاماً وشهراً واحداً، وتم الحُكم بإحالة سبع قاصرات إلى مركز للأحداث إلى أن يبلغن السن القانونية (21 عاماً) وحُكم على ستة آخرين بالسجن 15 عاماً بتهمة التحريض. [1]
قبضت قوات الأمن على المتظاهرات ووجهت إليهن اتهامات "الانضمام لجماعة تعمل على تعطيل العمل بأحكام القانون؛ الترويج بالقول والكتابة لأغراض الجماعة المذكورة؛ حيازة وإحراز مطبوعات؛ التجمهر؛ استعراض القوة والتلويح بالعنف؛ تعطيل وسائل النقل العام؛ إتلاف منقولات". [2]

أن اعتماد القانون الجديد الذي يقيد الحق في التجمع السلمي لا يدعم الأجهزة الأمنية في حملتها خلال الأشهر الماضية على أنصار الإخوان مسلمين فقط ولكنه أيضاً يعطي للأمن سلطة تقديرية في مداهمة مجموعات النشطاء، وبينها جماعات حقوق الإنسان. وبالفعل شهد يوم الثلاثاء الموافق 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2013 القبض على ما لا يقل عن تسعة من أعضاء "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين" وتسعة صحفيين وسبعة محامين، من قبل الشرطة في القاهرة، إثر تظاهرهم بالقرب من ميدان التحرير.

في محاولة للضغط على أعضاء لجنة الخمسين المسؤولة عن الدستور لكي يصوتوا ضد المادة 198 من مسودة الدستور والتي تسمح بمحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، دعت مجموعة "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين" إلى تنظيم احتجاج في 26 نوفمبر/تشرين الثاني قبيل التصويت، أمام مجلس الشورى (حيث تنعقد اجتماعات اللجنة). انضم عشرات المتظاهرين ولبوا الدعوة في الرابعة عصراً في شارع قصر العيني، لكن بعد ثلاثين دقيقة، أعلنت قوات الأمن عن تحذير للمتظاهرين بأن ينهوا الوقفة فوراً، التي كانت – طبقاً للمعلومات التي جمعتها الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان – وقفة سلمية. رفض المتظاهرون التفرق وفتحت قوات الأمن خراطيم المياه عليهم. ثم قامت قوات الأمن ورجال شرطة في ثياب مدنية بالقبض على المتظاهرين والصحفيين. يظهر من مقاطع فيديو نُشرت على الإنترنت وتم تبين صحتها، قيام الشرطة بضرب المتظاهرين والتحرش جنسياً بمتظاهرين ومتظاهرات. [3]

بلغ إجمالي عدد المقبوض عليهم 79 شخصاً، بينهم 19 من الإناث. تم احتجاز المتظاهرين في البداية داخل مجلس الشورى، ثم تم فصل الرجال عن السيدات ونُقلوا إلى أقسام شرطة مختلفة. قال ضابط شرطة للمتظاهرات إنهن سيُفرج عنهن، لكن عندما رفضن المغادرة دون أن يخرج معهن المتظاهرين الرجال، تمت جرجرتهن إلى سيارة ترحيلات ونُقلن إلى الطريق الصحراوي الشرقي المؤدي إلى صعيد مصر، حيث تم إخراجهن وسط الصحراء. قالت كل من منى سيف ورشا عزب، وهما متظاهرتان تم احتجازهما ثم أُفرج عنهما، إنهن تعرضن للضرب والسباب أثناء الاحتجاز. [4] تقدمت بعض المتظاهرات ببلاغ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني للنائب العام حول اعتداء الأمن عليهن أثناء القبض عليهن. أخذت النيابة شهاداتهن، لكن وقت كتابة هذه السطور لم تكن قد توفرت معلومات حول إصدار النيابة لأية اتهامات في هذا الشأن. كما تم الإفراج عن بعض المتظاهرين الرجال بعد ذلك، لكن ما زال هناك 25 متظاهراً رهن الاحتجاز في قسم شرطة القاهرة الجديدة 1. في 27 نوفمبر/تشرين الثاني تم عرضهم على النيابة للتحقيق، والتي أمرت باحتجازهم أربعة أيام بتهمة التجمهر غير القانوني والتعدي على موظفين عموميين والبلطجة وتنظيم مظاهرة دون إخطار وقطع الطريق وسرقة جهاز لاسلكي من رجل شرطة وحيازة وإحراز أسلحة بيضاء. تقدمت جبهة الدفاع عن متظاهري مصر اليوم ببلاغ للنائب العام ضد وزير الداخلية ومأمور قسم قصر النيل ووكيل نيابة قصر النيل، بدعوى أن المحتجزين نُقلوا إلى موقع مجهول دون إخطار المحامين أو أسرهم. [5]

ترى الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب أن احتجاز المتظاهرين ينطوي على التعسف، إذ تم احتجازهم جراء ممارستهم لحقهم الأصيل في التجمع السلمي. ومن ثم تطالب الفدرالية الدولية والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب بالإفراج عنهم فوراً دون شروط. كما تعرب الفدرالية الدولية والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب عن قلقها إزاء ادعاءات التحرش الجنسي والاعتداءات من قبل الشرطة بحق المتظاهرين والمتظاهرات، وتدعو السلطات المصرية إلى فتح تحقيق مستقل وفعال وغير منحاز في هذه الادعاءات، مع محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات.

كانت تلك المظاهرة ثاني مظاهرة يتم تفريقها بعد صدور القانون الجديد الخاص بالاجتماعات العامة. يوم الثلاثاء الموافق 26 نوفمبر/تشرين الثاني دعت أيضاً "حركة جابر صلاح جيكا" إلى مظاهرة تبدأ من طلعت حرب في نطاق وسط البلد بالقاهرة، إحياءً لذكرى رحيل جابر صلاح الأولى، الذي قتلته الشرطة في نوفمبر/تشرين الثاني 2012. بدأ المتظاهرون في السير باتجاه مجلس الشورى للانضمام إلى المظاهرة الأخرى. ثم أصدرت قوات الأمن تحذيراً للمتظاهرين بالتفرق فوراً بدعوى أن المظاهرة غير قانونية. بعد 4 دقائق، هاجمتهم قوات الأمن بخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع عند نقابة الصحفيين. وتم القبض على رشا عزب – ناشطة بارزة وعضوة في مجموعة "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين" أثناء تلك المظاهرة وتم الإفراج عنها بعد ذلك. ثم تم القبض عليها مرة أخرى في المظاهرة الثانية.

خلفية عن القانون رقم 207 لسنة 2013 الخاص بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية

القانون الجديد، رقم 207 لسنة 2013 الخاص بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية، صدر في 24 نوفمبر/تشرين الثاني بقرار من الرئيس عدلي منصور. يطالب القانون منظمي المظاهرات بإخطار الشرطة قبل ثلاثة أيام على الأقل من المظاهرة المزمعة. يسمح للوزارة بمنع المظاهرات إذا بلغتها معلومات بأن التظاهرة تفرض تهديداً على السلم والأمن. هذه الصياغة الفضفاضة تعطي الوزارة سلطة تقديرية واسعة في حظر المظاهرات، وفي حين يسمح القانون للمنظمين بالطعن على قرارات الرفض أمام المحكمة، فهو لا يحدد إطاراً زمنياً للبت في الطعون. كما يسمح القانون للوزارة بتفريق المظاهرات باستخدام القوة إذا لجأ أي من المتظاهرين إلى مخالفة القانون، أو إذا لم تعد المظاهرة سلمية. في حين أنه ينص على ضرورة تحذير قوات الأمن للمتظاهرين أولاً قبل استخدام خراطيم المياه، والغاز المسيل للدموع والهراوات، على التوالي، فهو يسمح للوزارة باستخدام الخرطوش أثناء تفريق المظاهرات بل وحتى الذخيرة الحية في حالات "الدفاع عن النفس". كما يفرض القانون عقوبات مشددة للغاية (10 إلى 30 ألف جنيه غرامة) على من لا يخطر الوزارة بتنظيم المظاهرة مسبقاً.

ولدى إتمام الحكومة للمسودة، انتقدت منظمات حقوقية علناً القانون بسبب ما به من قيود مشددة على الحق في التجمع السلمي [6] وقد ادعت الحكومة أنها ستأخذ في الحسبان تعليقات منظمات المجتمع المدني وكذلك ما قدم المجلس القومي لحقوق الإنسان من تعليقات. لكن لم يتم أخذ أي من تعليقاتهم في الحسبان في النسخة النهائية من القانون. ولقد أدانت المنظمات الأعضاء بالفدرالية الدولية في مصر إصدار القانون وأوضحت أن "النسخة النهائية من مسودة القانون تحتوي على تعديلات شكلية لا تمس جوهر المشروع القمعي، وتجاهلت أغلب توصيات القوى السياسية والمجتمع المدني بالرغم من صدور أكثر من تعليق يحتوى على تعديلات مقترحة وتوصيات لجعل مشروع القانون متوافقًا مع المعايير الدولية". [7]

تُذّكر الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب بأن هذا الرأي يتفق مع رأي المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، نافي بيلاي، التي حذرت في بيان صدر في 26 نوفمبر/تشرين الثاني من أن "القانون الجديد الذي ينظم التظاهر في مصر قد يؤدي إلى خروقات جسيمة للحق في حرية التجمع السلمي، ولابد من تعديله". [8]

أقرأ المزيد