السودان: على الجيش احترام المطالب المشروعة بالديمقراطية والمساءلة

12/04/2019
البيانات الصحفية
ar en

(باريس، كامبالا) 12 نيسان/أبريل 2019 - ترى الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان (FIDH) والمركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام (ACJPS) أن إزالة عمر البشير من الحكم يجب أن تمهّد الطريق للتأسيس للديمقراطية وحكم القانون في السودان. ونعبّر عن بالغ قلقنا إزاء التصريحات التي صدرت عن نائب الرئيس ووزير الدفاع، عوض بن عوف، التي أعلن فيها عن تعليق العمل بالدستور وفرض حظر التجوّل وحالة الطوارئ. وأعلن بن عوف أيضًا عن إنشاء مجلس عسكريّ لإدارة فترة انتقالية من سنتين. إنّ هذه التدابير تهدّد بشكل خطير بتدهور المناخين السياسيّ والأمنيّ في السودان.

"إن نهاية حقبة البشير التي طال انتظارها جاءت نتيجة للتعبئة المستمرة لآلاف السودانيين الذين نزلوا إلى الشوارع بكل شجاعة مطالبين بالديمقراطية والمساءلة، رغم مواجهتهم بقمع شرس. اليوم، على الجيش احترام هذه المطالب المشروعة وأن يضع حدًا للانتهاكات التي ارتكبت في ظل نظام البشير."

مسعد محمد علي، المدير التنفيذي للمركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام

وقد أثيرت مخاوف بشأن تشكيلة المجلس العسكري الانتقالي وتعيين عوض بن عوف كرئيس له، وذلك بالنظر إلى مسؤوليته المزعومة عن الجرائم الخطيرة التي ارتكبت في دارفور. إن بن عوف أيضًا يخضع لجزاءات الولايات المتحدة منذ 2007 لتقديمه الدعم اللوجستي لميليشيات الجنجويد المدعومة من الحكومة السودانية، وتوجيه هجماتها ضد المدنيين في دارفور. لقد رفض المحتجون السودانيون، بمن فيهم أعضاء تجمّع المهنيين السودانيين الذي يقود لمظاهرات منذ انطلاقها، التصريحات الصادرة عن بن عوف. ودعا التجمّع المحتجين إلى الاستمرار في المظاهرات حتى تأسيس حكومة مدنيّة انتقالية. وحتى ساعة كتابة هذا البيان الصحفي، تستمر الاحتجاجات. إنّ فرض حالة الطوارئ وحظر التجوّل يبدو أنّه يهدف إلى تقويض الاحتجاجات.

"بالنظر إلى هشاشة الحالة الراهنة، من الضروريّ أن يقف المجتمع الدوليّ، وبالدرجة الأولى الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، إلى جانب الشعب السوداني لضمان تحقيق مطالبه بالحريّة والسلام والعدالة."

شيلا ناباتشوا، نائبة رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان

تفيد التقارير المتوفرة الآن بأن البشير يخضع للاعتقال. تخلّل فترة حكم نظام البشير ارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان - ترقى إلى جرائم دولية - في أنحاء البلد، والتي من بينها مناطق الصراع كدارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، حيث شكّل آلاف المدنيين أهدافًا رئيسية للقتل، والاغتصاب، وأشكال العنف الجنسي الأخرى، والتهجير القسري، وتدمير القرى، والنهب، وعمليات القصف الجوي العشوائية. وفي مناطق أخرى، جرى استهداف المدنيين بفرض قيود شديدة على حقوقهم وحرياتهم الأساسية. وتعرّض المدافعون عن حقوق الإنسان والصحفيون والمعارضون السياسيون لاعتقالات تعسفيّة واحتجاز وأصناف من التعذيب والمضايقات القضائية بشكل متكرّر. إن معظم الجرائم الموثّقة من قبلنا أرتكبت من قبل عناصر في القوات المسلحة السودانية، وجهاز الأمن والمخابرات الوطني، وقوات الدعم السريع، الذين استفادوا من ظاهرة الإفلات الكلي من العقاب.

إنّ الجرائم المرتكبة في دارفور دفعت المجتمع الدولي إلى إحالة الحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية من خلال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق مسؤولين سودانيين كبار، من بينها مذكرتين ضد عمر البشير (في 2009 و2010) لمسؤوليته المزعومة عن جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وإبادة جماعية أقترفت خلال الصراع في دارفور. وخلال السنوات العشر الأخيرة، تحدى البشير مذكرات الاعتقال الصادرة بحقه وسافر إلى دول أطراف في المحكمة الجنائية الدولية فشلت في اعتقاله وتسليمه للمحكمة. ومن المتوقع صدور حكم متعلق بالتزامات الدول باعتقال البشير يوم 6 أيار/مايو عن دائرة الاستئناف للمحكمة. وهناك مذكرات اعتقال أخرى معلّقة صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد أحمد محمد هارون وعبد الرحيم محمد حسين، اللذان أفادت تقارير باعتقالهما منذ البارحة.

"على السلطات السودانية الامتثال لمذكرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية. إن الإفلات من العقاب مكّن وشجّع مرتكبي الجرائم التي وقعت خلال العقود الثلاثة الماضية ضد الآلاف من الناس في السودان."
"يجب على المجتمع الدولي والسلطات الوطنية عدم التفاوض على أي اتفاقية تسهّل استمرار الإفلات من العقاب، لا بل ضمان جلب عمر البشير وغيره إلى العدالة أخيرًا لمحاسبتهم على جرائمهم بما يتوافق مع التزاماتها بموجب القانون الدولي."

آرنولد تسونغا، نائب رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان

هذا وكانت الاحتجاجات قد اندلعت في أنحاء السودان يوم 19 كانون الأول/ديسمبر 2018. وبينا ركّزت في بدايتها على التنديد بارتفاع أسعار السلع الأساسية، إلا أن الاحتجاجات تطوّرت سريعًا لتنادي بتنحي عمر البشير، وهو ما قابلته الأجهزة الأمنية برد عنيف حيث لم تتردّد في استخدام الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحيّة لتفريق المحتجين. مما أدى إلى قتل 99 شخصًا على الأقل، من بينهم 31 شخصًا على الأقل منذ السادس من نيسان/أبريل الحالي، فيما جرى اعتقال ما لا يقل عن 816 شخصًا، من بينهم من أدعي أنهم تعرضوا للتعذيب. وأكّد ثلاثة مدافعين عن حقوق الإنسان أطلق سراحهم البارحة لنا تعرّضهم للتعذيب خلال الاحتجاز. هذا وبينا تشير آخر المعلومات إلى أن بعض المحتجَزين قد جرى إطلاق سراحهم البارحة، لكن لا توجد معلومات متّسقة عن عددهم الدقيق.

أقرأ المزيد