مقايضة السلام

11/11/2012
البيانات الصحفية
ar en fr

الملخص التنفيذي [1] لتقرير "مقاضية السلام" الذي أعده ائتلاف من 22 منظمة غير حكومية

موقف الاتحاد الأوروبي واضح تماماً: المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة "غير مشروعة بموجب القانون الدولي، وتمثل عقبة أمام السلام، وتهدد بجعل حل الدولتين أمراً مستحيلاً." على أن هذا التقرير يثبت أن السياسة الأوروبية تساعد عملياً، في الوقت نفسه، على الحفاظ على المستوطنات؛ حيث يكشف عن أن واردات الاتحاد الأوروبي من المستوطنات غير المشروعة يزيد بخمس عشرة مرة عن وارداته من الفلسطينيين أنفسهم.

المستوطنات الإسرائيلية مجتمعات أنشئت على أراضٍ تحتلها إسرائيل منذ عام 1967. يعيش الآن نحو 500,000 مستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية. وتسيطر المستوطنات على اكثر من 42 % من أراضي الضفة الغربية ومعظم مصادر مياه الضفة ومواردها الطبيعية الأخرى؛ فضلاً عن أن تعدي تلك المستوطنات اليومي على الأراضي الفلسطينية من شأنه أن ينسف جدوى حل الدولتين الذي يروج له الاتحاد الأوروبي.

وقد تسارع توسع المستوطنات خلال السنتين الماضيتين مع الإعلان عن، أو الموافقة على، بناء أكثر من 16,000 وحدة سكنية جديدة. وفي الوقت نفسه ارتفعت وتيرة إزالة المنشآت الفلسطينية – بما فيها تلك التي أقيمت بدعم من مانحين أوروبيين – مما تسبب في نزوح الآلاف عن منازلهم في 2011، حيث بلغت أعدادهم قرابة ضعف ما كان عليه الحال في 2010. كذلك شهد العامان الماضيان أرقاماً غير مسبوقة في عدد هجمات المستوطنين العنيفة على الفلسطينيين.

 

نظام تمييزي ذو وجهين

 من خلال إرساء المستوطنات خلقت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة نظاماً تمييزياً ذا وجهين في الضفة الغربية، يتمتع فيه المستوطنون بكل الحقوق والمكاسب التي يتمتع بها المواطن الإسرائيلي، بينما يخضع الفلسطينيون للقوانين العسكرية الإسرائيلية التي تحرمهم من كل حقوقهم الأساسية. فتنقل الفلسطينيين داخل الضفة الغربية ونفاذهم إلى الخدمات الأساسية، بما فيها المستشفيات، يعترضه نحو 542 عائقاً ما بين متاريس ونقاط تفتيش، رغم التخفيف المحدود الذي طرأ عليها العام الماضي.

كذلك هناك تفاوت هائل في النفاذ إلى المياه، حيث تسرف إسرائيل في سحب المياه من مواردها في الضفة الغربية، بينما تقيد قدرة الفلسطينيين على حفر آبار جديدة وتطوير بنيتهم التحتية المائية. وفي بعض الحالات أدى سحب المياه الجوفية، لري محاصيل التصدير في مزارع المستوطنات، إلى جفاف الآبار الفلسطينية القريبة، مما حد من قدرة الفلسطينيين على زراعة أراضيهم.

 

اقتصادا الضفة الغربية

 يستفيد مزارعو ومصنعو المستوطنات من طائفة واسعة من المساعدات والإعانات التي تقدمها الحكومة الإسرائيلية، فضلاً عن سهولة وصولهم إلى الأسواق الدولية من خلال الطرق التي أقامتها الحكومة والتي تلتف حول المناطق المأهولة بالفلسطينيين.
 وعلى النقيض تماماً، نجد الاقتصاد الفلسطيني مقيداً بصرامة، نتيجة التقييد الإسرائيلي المفروض على النفاذ إلى الأسواق والموارد الطبيعية، وهو ما تقدر تكلفته السنوية بنحو5.2 مليار يورو، أي %85 من الناتج الإجمالي المحلي الفلسطيني. ونتيجة لتلك القيود فقد انخفضت الصادرات الفلسطينية من أكثر من نصف الناتج الإجمالي المحلي في الثمانينيات إلى أقل من 15 % من الناتج الإجمالي المحلي في السنوات الأخيرة، ليذهب هذا الانخفاض، عملياً، بأية مكاسب تحققت من اتفاقية التجارة التفضيلية للاتحاد الأوروبي مع الفلسطينيين.

 وقد ساعد ذلك على خلق وضعٍ تعتمد فيه السلطة الفلسطينية على مبالغ ضخمة من التمويل من الاتحاد الأوروبي والمانحين الأجانب الآخرين، وجعلها تواجه حالياً أزمة مالية حادة.
 

تناقضات التجارة الأوروبية مع المستوطنات الإسرائيلية

 

بلغ أحدث تقدير لقيمة واردات الاتحاد الأوروبي من المستوطنات - والذي قدمته الحكومة الإسرائيلية إلى البنك الدولي - نحو 300 مليون دولار (230 مليون يورو) في السنة، أي نحو خمسة عشر ضعف القيمة السنوية لواردات الاتحاد من الفلسطينيين. وبما أن هناك أكثر من 4 ملايين فلسطيني يعيشون في الأراضي المحتلة، في مقابل أكثر من 500,000 مستوطن إسرائيلي، فإن ذلك يعني أن الاتحاد الاوروبي يستورد من المستوطن الواحد 100 ضعف ما يستورده من الفلسطيني.

 تتمثل أكثر منتجات المستوطنات مبيعاً في أوروبا في المنتجات الزراعية، مثل التمر وثمار الليمون والأعشاب، والمنتجات المصنعة وتشمل مستحضرات التجميل، وأجهزة الكربنة، والمنتجات البلاستيكية، والمنسوجات، ولعب الأطفال.

 وعلى الرغم من الموقف الأوروبي الصارم الذي يرى أن المستوطنات ليست جزءاً من إسرائيل، فقد قبلت أوروبا واردات تلك المستوطنات التي كتب عليها أن المصدر هو "إسرائيل"، لتقبل بذلك أوروبا بمد إسرائيل لسيادتها على الأراضي المحتلة. كثير من تلك المنتجات تباع أيضاً في المتاجر الأوروبية وهي تحمل العبارة المضللة "صنع في إسرائيل"، مما يحرم المستهلك من حقه، الذي كفله له قانون حماية المستهلك الأوروبي الحالي، في اتخاذ قرار عليم عند الشراء. ونتيجة لذلك يدعم الكثير من المستهلكين الأوروبيين، عن غير قصد منهم، المستوطنات وما يرتبط بها من انتهاكات لحقوق الإنسان.
 شملت الحالات التي وردت عنها تقارير G4S (المملكة المتحدة / الدنمارك)، و Alstom (فرنسا)، و Veolia (فرنسا) و Heidelberg Cement (ألمانيا). على أن شركات اخرى مثل Deutsche Bahn (ألمانيا) و AssaAbloy (السويد)، و Unilever (هولندا) أوقفت بالفعل أنشطتها في الضفة الغربية في السنوات الأخيرة، لتضرب بذلك المثل للشركات الأخرى التي لا تزال تمارس نشاطها في المستوطنات.

 يضاف إلى التناقضات التي تمس صميم سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه المستوطنات الإسرائيلية غير المشروعة، فشل الاتحاد الأوروبي في أن يستبعد تماماً المستوطنات من فوائد برامج تعاونه مع إسرائيل واتفاقياته الثنائية معها. بل إن التمويل الحكومي الأوروبي المخصص للبحوث والتطوير استخدم في حالات عديدة لتقديم دعم مباشر لأنشطة في المستوطنات. وتعتبر اتفاقية تقييم المطابقة وقبول المنتجات الصناعية التي تم التصديق عليها مؤخراً مثال آخر على فشل الاتحاد الأوروبي في التمسك بتمييزٍ صارم بين إسرائيل نفسها والمستوطنات غير المشروعة.

 المضي قُدُماً

لا تتسق العلاقات المتعددة مع المستوطنات مع الالتزامات الأوروبية في ظل القانون الدولي، والتي تنص على أنه على الأطراف الثالثة، بما فيها الحكومات الأوروبية، واجب عدم الاعتراف بالمستوطنات، أو مساعدتها، أو مساندتها فضلاً عن واجب معارضتها بفاعلية. ولكن الاتحاد الأوروبي، بتجارته مع المستوطنات ومساهمته في استدامتها، إنما يقوض أيضاً سنوات من الاستثمار السياسي والمالي في جهود بناء الدولة الفلسطينية. بيد أن هناك وعي متزايد بين الحكومات الأوروبية بالحاجة إلى سد الفجوة بين حديثهم عن المستوطنات وممارساتهم الفعلية. ومن ذلك ما اتخذته الحكومتان البريطانية والدنماركية من خطوات ملموسة بالفعل في هذا الاتجاه، حيث طبقتا خطوطاً إرشادية لوضع الملصقات الصحيحة على منتجات المستوطنات. ولكن لا يزال بوسع الحكومات الوطنية والاتحاد الاوروبي بذل المزيد من الجهود لضمان عدم مساندة سياساتهم، بشكل مباشر أو غير مباشر، للمستوطنات وما يرتبط بها من ظلم.
 

توصيات بإجراءات (للحكومات الوطنية والاتحاد الاوروبي كلٍ بما يناسبه) [2] :

 أ. مبيعات وواردات منتجات المستوطنات

  •  1. ضمان وضع ملصقات المستهلك الصحيحة على كل منتجات المستوطنات، على سبيل الحد الأدنى من الإجراءات، كما تفعل المملكة المتحدة والدنمارك، على أن يشمل ذلك ايضاً المنتجات المصنعة. (الوطني والاتحاد الأوروبي)
  •  2. تثبيط رغبة الشركات في شراء سلع المستوطنات والدخول في علاقات تجارية أو استثمارية أخرى مع المستوطنات، عن طريق نصيحة حكومية رسمية. (الوطني)
  •  3. حظر واردات منتجات المستوطنات على سبيل الإجراء الأعلى، وكما دعت إلى ذلك أيرلندا. (الوطني في غياب تحرك مشترك من الاتحاد الأوروبي)

 ب. استبعاد المستوطنات من علاقات الاتحاد الأوروبي والعلاقات الوطنية مع إسرائيل

  •  4. استبعاد منتجات المستوطنات من النفاذ التفضيلي إلى الأسواق بالإصرار على أن تبدأ إسرائيل في تمييز مصدر منتجات المستوطنات بشكل مغاير عن "إسرائيل". (الاتحاد الأوروبي/ منطقة التجارة الحرة الأوروبية)
  •  5. استبعاد المستوطنات من الاتفاقيات الثنائية وأدوات التعاون مع إسرائيل عن طريق مواد قانونية صريحة وحمائية. (الاتحاد الأوروبي والمستوى الوطني)
  •  6. استبعاد منتجات وشركات المستوطنات من مناقصات المشتريات الحكومية (الوطني والاتحاد الأوروبي)

 ج. المعاملات المالية مع المستوطنات

  •  7. رفع أسماء المنظمات التي تمول المستوطنات من أنظمة الخصم الضريبي، كما فعلت النرويج (الوطني)
  •  8. تحاشي المعاملات المالية مع المستوطنات وما يرتبط بها من أنشطة عن طريق تطبيق إجراءات تقييدية، على سبيل المقاربة الأكثر شمولاً. (الوطني في غياب تحرك مشترك من الاتحاد الأوروبي).

 د. إجراءات أخرى

  •  9. تثبيط رغبة المواطنين في شراء ممتلكات في المستوطنات عن طريق النصيحة الرسمية، كما فعل عدد من الدول الأعضاء في الاتحاد الاوروبي. (الوطني)
  •  10. إصدار خطوط إرشادية لمنظمي الرحلات السياحية الأوروبيين لتحاشي شركات المستوطنات. (الوطني)
  •  11. إصدار قائمة بالشركات التي تغير ذكر مصدر سلع المستوطنات ليصبح "إسرائيل"، كما طلب البرلمان الأوروبي. (الاتحاد الأوروبي).
  •  12. الإصرار على تقديم إسرائيل لبيانات المستوطنات تفصيلياً إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (أعضاء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية).
أقرأ المزيد