مصر: اشتداد القمع على المدافعين عن حقوق الإنسان

باريس – جنيف، 28 أكتوبر/تشرين الأول 2014 – إن مرصد المدافعين عن حقوق الإنسان (وهو برنامج مشترك بين الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والمنظمة الدولية لمناهضة التعذيب) يدين بشدة الحُكم الصادر بحق يارا سلّام، مسؤولة ملف العدالة الانتقالية في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وسناء سيف، العضوة في حركة "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين" وأخت المدوّن علاء عبد الفتاح، و21 مدعى عليهم آخرين، بالسجن ثلاث سنوات بدعوى "المشاركة في مسيرة سلمية". كما يعرب المرصد عن عميق قلقه إزاء اعتقال علاء عبد الفتاح من جديد بصفة غير قانونية، وهو ناشط بمجال الحقوق المدنية والسياسية، ومدون، وعضو في "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين".

في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2014 تم الحُكم على يارا سلّام وسناء سيف (وكانتا محتجزتان في الحبس الاحتياطي منذ القبض عليهما في 21 يونيو/حزيران دون أسباب أو مبررات) بالإضافة إلى 21 آخرين من المتظاهرين، بالسجن ثلاث سنوات، وبالمراقبة ثلاث سنوات إضافية، وغرامة 10 آلاف جنيه (1000 يورو)، ودفع التعويض على الأضرار التي يُزعم أنهم تسببوا فيها. حُكم عليهم بناء على اتهامات بمخالفة قانون التظاهر، وبناء على اتهامات أخرى ملفقة، من قبيل الإضرار بالممتلكات و"استعراض القوة". هذه الاتهامات مرتبطة بمظاهرة وقعت في 21 يونيو/حزيران 2014 احتجاجاً على قانون التظاهر القمعي (قانون 107 لسنة 2013)، وهي المظاهرة التي فضتها الشرطة باستخدام القوة، بدعم من معتدين مجهولين في ثياب مدنية.

صدر الحُكم قبل يوم من قرار لمحكمة مصرية بحبس الناشط البارز علاء عبد الفتاح وإعادته إلى السجن، لبدء محاكمته من جديد مع 24 شخصاً آخرين. في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2014 أمر القاضي باحتجاز جميع الحاضرين وإرجاء المحاكمة إلى جلسة 11 نوفمبر/تشرين الثاني. في حين أحيل جميع المدعى عليهم إلى سجن طرة بعد الجلسة، مرت 24 ساعة حتى تمكنت أسرة علاء عبد الفتاح من معرفة مكان احتجازه وهو الآن بسجن طرة مزرعة.

أدين علاء عبد الفتاح في 11 يونيو/حزيران ومعه 24 شخصاً آخرين باتهامات منها تنظيم مظاهرة بغير تصريح في نوفمبر/تشرين الثاني 2013 ومزاعم بالاعتداء على رجل شرطة. حُكم عليه غيابياً بالسجن 15 عاماً وبغرامة 100 ألف جنيه (نحو 10420 يورو) ومراقبة خمس سنوات بعد انتهاء عقوبة السجن. في 15 سبتمبر/أيلول تنحى القاضي رئيس هيئة المحاكمة بناء على طلب من المحامين، وصدر الأمر بإعادة المحاكمة، ثم تم الإفراج عن علاء عبد الفتاح واثنين آخرين بكفالة، بعد الحبس لأكثر من ثلاثة أشهر.

وفي القضيتين، استندت الاتهامات إلى حد بعيد إلى قانون التظاهر القمعي للغاية، والذي ينتهك الحق الوارد في الدستور المصري بحرية التجمع وحرية التعبير، وكذلك التزامات مصر بمقتضى القانون الدولي. هذه الأحكام صدرت وسط إجراءات تصعيدية من الحكومة، والتي تؤدي عملاً إلى مصادرة السبل الديمقراطية لإبداء المواطنين أي شكاوى أو مظالم.

وعلى مدار الشهور الأخيرة شابت محاكمات المدافعين عن حقوق الإنسان والمتظاهرين السلميين والصحفيين لا مبالاة تامة ومطلقة بسلامة الإجراءات القانونية، فضلاً عن الاعتماد على أدلة مشكوك في صحتها، تقتصر في حالات كثيرة على تقارير من الشرطة ومن أجهزة الأمن الأخرى.

هذه المضايقات القضائية وأعمال الاحتجاز التعسفي الجارية هي دليل إضافي على استمرار تجريم أنشطة المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر.

يخشى المرصد أن جميع المُدانين والمحتجزين على مدار الأيام الأخيرة لم يتم استهدافهم إلا لممارستهم لحقهم في حرية التعبير وحرية التجمع، ويرى أن احتجازهم والحُكم عليهم لا يهدف سوى لمعاقبتهم على أنشطتهم المشروعة بمجال حقوق الإنسان.

من ثم، يهيب المرصد بالسلطات المصرية أن تُسقط جميع الاتهامات المنسوبة إليهم، وأن تفرج دون قيد أو شرط عنهم جميعاً، بما يتفق مع إعلان الأمم المتحدة الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وبمقتضى المواثيق الدولية الأخرى لحقوق الإنسان التي صدّقت عليها الحكومة المصرية.

أقرأ المزيد