مصر: انحسار مساحات الحريات الأساسية

06/11/2013
البيانات الصحفية
ar en

تعرب الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان عن قلقها إزاء الاستمرار في انحسار مساحة حرية التعبير وحرية التجمع في مصر. على مدار الشهور الثلاثة الماضية، لا سيما بعد عزل الرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو/تموز 2013، شهدت البلاد بيئة معادية للغاية لحرية التعبير وحرية التجمع. ولا تظهر أية بوادر على تراجع حالة الاستقطاب السياسي الشديد التي تشهدها البلاد. على جانب يشيد بعض المصريين بالجيش على تدخله في يوليو/تموز 2013 وعزل محمد مرسي، وعلى الجانب الآخر أدان البعض القوات المسلحة على قتل مئات المتظاهرين في عدة وقائع في يوليو/تموز وأغسطس/آب 2013. [1]

في 25 أكتوبر/تشرين الأول ألقى الإعلامي المصري الساخر باسم يوسف الضوء على هذا الاستقطاب وسخر من الموقف السياسي بالكامل، واشتمل ذلك الجيش. أدى البرنامج إلى جدل شديد وأصدرت قناة "سي بي سي" التي تستضيف البرنامج بياناً في 26 أكتوبر/تشرين الأول تعتذر للمشاهدين على المحتوى الذي اعتبرته "يستهزئ بمشاعر الشعب ورموز الدولة المصرية". ثم قبل لحظات من الحلقة الثانية، في 1 نوفمبر/تشرين الثاني" أصدرت قناة سي بي سي بياناً تقول إن "البرنامج" قد جُمد حتى إشعار آخر.

وقال كريم لاهيجي رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان: "ما نراه هنا هو إما نتيجة لضغوط مارستها السلطات المصرية على الإعلام، أو هو استعراض للإمعان في ممارسة الرقابة الذاتية. لكن تعزيز حرية التعبير وضمانات حرية الصحافة هو ما نتوقعه من السلطات الانتقالية إذا كانت حقاً تريد إحداث قطيعة مع الطابع الاستبدادي لسابقيها".

ليس برنامج باسم يوسف هو واقعة المضايقة الوحيدة للمشتغلين بالإعلام ممن جرأوا على عمل تغطيات مستقلة حول الجيش. في 29 أكتوبر/تشرين الأول حُكم على حاتم أبو النور صحفي بجريدة الوطن أمام محكمة شمال القاهرة العسكرية بالسجن عاماً بتهمة انتحال صفة عسكرية بعد أن تم القبض عليه من بيته في يوليو/تموز 2013 واحتجز لمدة شهرين. في 5 أكتوبر/تشرين الأول 2013 حُكم على صحفي بجريدة المصري اليوم أحمد أبو دراع أمام محكمة إسماعيلية العسكرية بالحبس ستة أشهر مع إيقاف التنفيذ في اتهامات بنشر أخبار كاذبة بالخارج (حول حملة "مكافحة الإرهاب" القائمة حالياً من قبل الجيش في سيناء) ودخول مناطق محظورة بدون تصريح، وتصوير مناطق عسكرية ممنوع التصوير فيها بعد القبض عليه في 5 سبتمبر/أيلول من قبل الجيش في العريش بشمال سيناء. في 3 نوفمبر/تشرين الثاني حكمت محكمة شمال سيناء العسكرية على الصحفي محمد صبري بالحبس ستة أشهر مع إيقاف التنفيذ في اتهامات بدخول مناطق محظورة والتصوير فيها، بعد أن تم القبض عليه في 4 يناير/كانون الثاني.

تعتبر الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان أن إحالة الصحفيين لمحاكم عسكرية وإدانتهم بأحكام ثقيلة سابقة خطيرة سوف تمنع الصحفيين مع الوقت من الكتابة بشكل مستقل عن الأحداث في المناطق الحساسة التي بها تواجد للجيش. تذكر الفدرالية الدولية بأن المحاكمات العسكرية للمدنيين محظورة بموجب القانون الدولي، بما أنها لا توفر أية ضمانات لحقهم في المحاكمة العادلة أو الحق في مراعاة الأصول القانونية.

لقد جاءت حملة قمع حرية التعبير على ضوء حملة موسعة على الإسلاميين ومؤيدي مرسي في مصر. في 14 أغسطس/آب قامت قوات الأمن بتفريق اعتصامين لمؤيدي مرسي باستخدام العنف في القاهرة، ما أدى إلى مقتل المئات وإصابة الآلاف. [2] في 3 سبتمبر/أيلول أمرت المحكمة الإدارية بإغلاق 3 قنوات إسلامية، هي الجزيرة مباشر مصر والقدس واليرموك. قالت المحكمة في حكمها إن هذه القنوات تحرض على الفتنة وتضر بالأمن القومي. [3] تعتبر الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان أن إغلاق القنوات يرقى لكونه خرق لحرية التعبير وتذكر بأن مقدمي البرامج المسؤولين عن التحريض على العنف في قنوات التلفزة المذكورة وكذا في قنوات الدولة، يجب أن يخضعوا للمساءلة بشكل فردي.

في 30 أكتوبر/تشرين الأول تم القبض على خطاط في كفر الشيخ فيما كان يرسم شعارات ضد الجيش على جدار في الشارع. أمرت النيابة باحتجازه 15 يوماً واتهمته بـ "الانضمام إلى جماعة محظورة والتحريض على العنف وإهانة مؤسسات الدولة والشرطة والجيش بالكتابة على الجدران في كفر الشيخ". في 29 أكتوبر/تشرين الأول تم القبض على ست طالبات جامعيات من حافلة الجامعة بعد أن رددن شعارات ضد الجيش أثناء المرور إلى جوار مدرعة للجيش في مدينة نصر. [4] وفي 31 أكتوبر/تشرين الأول تم القبض على 21 مؤيدة للإخوان المسلمين على يد قوات الأمن للمشاركة في مسيرة في الإسكندرية تندد بالانقلاب العسكري، على كوبري ستانلي. اتهمتهن النيابة بـ "الانضمام لجماعة تعمل على تعطيل العمل بأحكام القانون، والترويج بالقول والكتابة لأغراض الجماعة المذكورة، وحيازة وإحراز مطبوعات والتجمهر واستعراض القوة والتلويح بالعنف وتعطيل وسائل النقل العام وإتلاف منقولات". [5] تدين الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان ما يبدو أنها اعتقالات موسعة وممنهجة للمتظاهرين والداعمين للإخوان المسلمين، وتذكر بأن على قوات الأمن احترام الحق في حرية التعبير والحق في حرية التجمع، وعليها ألا تقوم بأي شكل من الأشكال باصطياد المتعاطفين مع الرئيس المعزول بهذا الشكل.

تشهد مصر مظاهرات منتظمة من قبل مؤيدي مرسي أسفرت في أحيان كثيرة عن مواجهات عنيفة مع قوات الأمن والجيش. حلقة العنف الأخيرة التي وقعت في احتفالات حرب أكتوبر 1973 ضد إسرائيل، يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول، خلفت 53 شخصاً على الأقل قتلى و271 جريحاً. [6] ولقد صادف مشروع قانون التظاهر الذي أعدته الحكومة المصرية انتقاداً واسعاً من منظمات حقوق الإنسان المصرية، ومنها منظمات أعضاء في الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، اعتبرته "قانوناً قمعياً لا يضع قيوداً مشددة فحسب على الحق في التظاهر، بل يفرض أيضاً قيوداً أخرى على حق الاجتماعات العامة والإضراب والاعتصام والمسيرات، مما يقيد تماماً حرية المصريين في اللجوء لأي شكل من أشكال التجمع السلمي". [7]

وأضاف كريم لاهيجي: "إن السلطات المصرية التي يفترض بها أنها تقود البلاد إلى مرحلة من التحول الديمقراطي، عليها أن تدرك أن حرية التعبير وحرية التجمع السلمي هي حقوق أساسية لا يمكن المساس بها. إن الحد منها لأغراض حفظ النظام العام أو الأمن القومي يجب أن يبقى هو الاستثناء وليس القاعدة".

أقرأ المزيد