يجب على البرلمان المنتخب اتخاذ تدابير عاجلة لكفالة الحقوق الدستورية

10/12/2015
البيانات الصحفية
ar en

مع انعقاد البرلمان المُنتخب حديثاً للمرة الأولى هذا الشهر، تدعوه الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان إلى الامتناع عن التصديق على القوانين القمعية التي تم اعتمادها في غيابه، [1] وأن يعتمد القوانين ويعدلها حسب الاقتضاء بحيث تكفل الحقوق والحريات المنصوص عليها في دستور 2014. [2] تم حل البرلمان المنتخب السابق في يونيو/حزيران 2012 بعد أن حكمت المحكمة الدستورية العليا بأن الانتخابات البرلمانية المصرية غير دستورية. يجب أن يضمن البرلمان اتساق التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وأن يشاور بشكل فعال منظمات حقوق الإنسان المستقلة أثناء سعيه لتحقيق ذلك.

سوف ينعقد البرلمان في خضم تدهور مطرد لحالة حقوق الإنسان في مصر. حُكم على الآلاف في محاكمات غير عادلة بسبب ممارستهم لحقوقهم المشروعة في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع. أيدت أحكام الإعدام محاكم تفتقر لأدنى درجات استقلالية القضاء أو احترام سلامة الإجراءات القانونية. ويستمر ظهور تقارير حول وقائع التعذيب، ويشمل العنف الجنسي ، في مراكز احتجاز الدولة، وسط مناخ من الإفلات المتفشي من العقاب، حيث لا يُحاسب الجناة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان. تزايدت حالات الاختفاء القسري حيث يجري احتجاز الأفراد بمعزل عن العالم الخارجي، في مواجهة مخاطر متزايدة بالتعرض للتعذيب. كما يتزايد تقييد حرية التعبير وتداول المعلومات، ويتم القبض على الصحفيين جراء ممارستهم لعملهم، ويتعرضون للحبس بسبب تغطية قضايا على صلة بالجيش و"الحرب على الإرهاب"، لا سيما في شمال سيناء.

يُرسل انخفاض عدد الناخبين في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية برسالة مقلقة حول تصحر الحياة السياسية في مصر على مدار العامين الماضيين، حيث تستمر مساحة العمل السياسي والعمل العام في الانكماش. الحق أن الانتخابات البرلمانية قد انعقدت في ظروف لا تفي بالمعايير الدولية للحريات السياسية. لن تؤدي سياسات الدولة القمعية وارتكاب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان إلا لمزيد من التدهور في الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي في مصر.

"من واجب البرلمان أن يسهم بقدر فعال في تحسين حالة حقوق الإنسان المتدهورة في مصر، بأن يجعل أولويته التنسيق بين دستور 2014 والتشريعات الوطنية، وضمان ألا تبقى الحقوق الدستورية مجرد حبر على ورق".

قال كريم لاهيجي رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان

فضلاً عن ذلك يجب أن يمتنع البرلمان عن التصديق على "قانون التظاهر" [3] الذي اعتُمد في نوفمبر/تشرين الثاني 2013 وينص على الذريعة القانونية لحبس آلاف الأفراد جراء ممارستهم لحقوقهم المشروعة من قبيل الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير. تذكر الفدرالية الدولية بأن المجلس الوطني لحقوق الإنسان تكررت دعواته بتعديل "قانون التظاهر". كما قبلت مصر بتوصيات الاستعراض الدوري الشامل الخاصة بتعديل قانون التظاهر ليواكب المادة 73 من الدستور. تعتبر منظمات المجتمع المدني القانون الحالي غير دستوري، وأنه يخرق التزامات مصر الدولية الناشئة عن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

قانون مكافحة الإرهاب [4] المُعتمد في أغسطس/آب 2015 وصفته منظمات أعضاء في الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان بأنه "ضربة أخرى للدستور، تؤدي لتآكل سيادة القانون وترسخ لحالة طوارئ غير معلنة بحجة حماية المجتمع والوحدة الوطنية". كما يرسخ القانون من الإفلات من العقاب، إذ يعفي مسؤولي إنفاذ القانون من أي عقاب على استخدام القوة المميتة.

قانون الكيانات الإرهابية [5] المعتمد في فبراير/شباط 2015 يحتوي على تعريفات فضفاضة ومبهمة للأسانيد التي تعتبر بموجبها المنظمات والأفراد إرهابيين. إنه يعاقب كيانات وأفراد "[يدعون] بأية وسيلة... إلى تعطيل... القوانين". إذن يمكن استخدام القانون في استهداف المنظمات غير الحكومية والمدافعين عن حقوق الإنسان والأفراد والخصوم السياسيين بغض النظر عن سلمية سبل المعارضة.

تم استخدام الحبس الاحتياطي على ذمة المحاكمة لفترات طويلة بشكل مفرط منذ تعديل قانون الإجراءات الجنائية في يوليو/تموز 2013. [6] حوّلت التعديلات الحبس الاحتياطي إلى حبس لأجل غير مسمى، إذ ألغت القيود المفروضة في القانون على المدد القصوى للحبس الاحتياطي في الجرائم التي يُعاقب عليها بالمؤبد أو الإعدام. فعلياً، أصبح الحبس الاحتياطي عقاباً في حد ذاته. طالب المجلس القومي لحقوق الإنسان بوضع قيود على استخدام الحبس الاحتياطي.

كما تزايدت المحاكمات العسكرية للمدنيين منذ اعتماد قرار رئاسي في أكتوبر/تشرين الأول 2014 [7] الذي يوسع فعلياً من مجال ولاية المحاكم العسكرية، إذ يفرض الحماية العسكرية على المنشآت العامة، وتشمل الجامعات ووسائل النقل العام... إلخ. هذا القرار يخرق المادة 204 من الدستور التي نصت على عدم عقد محاكمات عسكرية إلا في حال وجود هجوم مباشر على معسكر للجيش أو منشآت عسكرية. تذكر الفدرالية الدولية بأن المحاكمات العسكرية للمدنيين محظورة في القانون الدولي، وتذكر بأن السلطات المصرية عليها التزامات تنشأ من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بكفالة الحق في المحاكمة العادلة أمام القاضي الطبيعي في كافة الظروف.

يستمر المدافعون عن حقوق الإنسان في الاستهداف بالمضايقات القضائية والاحتجاز التعسفي وحملات تشويه السمعة في وسائل الإعلام، جراء نشاطهم المشروع بمجال حقوق الإنسان. ما زالت المداهمات لمقار المنظمات غير الحكومية وحظر السفر والتحقيقات الجارية في التمويل الأجنبي مبعث قلق كبير. على البرلمان المقبل اعتماد قانون جديد للجمعيات، بعد إجراء مشاورات حقيقية مع منظمات حقوق الإنسان المستقلة، بحيث يضمن عمل المنظمات بحرية دون عرقلة لأنشطتها.

كما ينبغي لنواب البرلمان دعوة السلطات المصرية علناً إلى:

  • الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين لممارستهم حقهم المشروع في حرية التعبير والتجمع وتداول المعلومات وتكوين الجمعيات، بمن فيهم الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، مع ضمان احترام هذه الحقوق.
  • الكشف فوراً عن أماكن جميع المعتقلين في الحبس بمعزل عن العالم الخارجي، ومنحهم الحق في مقابلة محاميهم وذويهم على الفور.
  • اتخاذ تدابير عاجلة لاستعادة استقلالية القضاء وضمان كفالة الحق في المحاكمة العادلة وسلامة الإجراءات القانونية، بحسب المعايير الدولية.
  • إجراء تحقيقات مستقلة ومحايدة وفعالة في جميع انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة منذ عام 2011، بما يشمل استخدام القوة المميتة والتعذيب والعنف الجنسي، ومحاسبة المسؤولين عن تلك الانتهاكات، وإمداد الضحايا بالجبر والتعويض.
  • الإنهاء الفوري للمحاكمات العسكرية للمدنيين وإعادة محاكمة المُدانين أمام محاكم مدنية تكفل الحق في المحاكمة العادلة.
  • الإلغاء الفوري لجميع أحكام الإعدام والأمر بإعادة محاكمة تكفل الحق في المحاكمة العادلة وسلامة الإجراءات القانونية، وإلغاء عقوبة الإعدام على جميع الجرائم وفرض تجميد فوري على عقوبات الإعدام.
أقرأ المزيد