مصر: الفترة الانتقالية في اضطراب: خطر الحرب الأهلية في ظل الأزمة الدستورية

06/12/2012
البيانات الصحفية
ar en

تدين بشدة الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان الهجوم العنيف على المتظاهرين السلميين المعتصمين عند قصر الاتحادية في القاهرة يوم 5 و6 ديسمبر 2012.

واستمرت الاشتباكات الدامية بين ومؤيدي ومعارضي الرئيس المصري محمد مرسي إلى الساعات الأولى من صباح الخميس حيث أعلنت وزارة الصحة عن مقتل 5 وإصابة 672 شخصاً. وقد اندلعت الاشتباكات بعد فض اعتصام لمعارضي الرئيس بالقوة من قبل مسلحين مؤديين للرئيس وأغلبهم من الإسلاميين.

وقد بدأ الاعتصام بعدما تظاهر عشرات الآلاف من المتظاهرون أمام قصر الاتحادية يوم 4 ديسمبر مطالبون بإسقاط الإعلان الدستوري وإلغاء الاستفتاء على الدستور المقرر يوم 15 ديسمبر وإعادة تشكيل اللجنة التأسيسية لكي تشمل كافة أطياف الشعب المصري. وقد كانت المظاهرات أغلبها سلمية مع وقوع اشتباكات محدودة بين المتظاهرين والشرطة. وانسحبت الشرطة من محيط قصر الاتحادية وحاصر المتظاهرين القصر ورددوا هتافات منددة بالدستور وقاموا بالرسم على جدران القصر وقرر عشرات من المتظاهرين الاعتصام ولم يُرصد أي اعتداء ولم يتم منع الرئيس من دخول القصر اليوم التالي.

وأثناء فض الاعتصام، أبلغ عدد من الصحفيون عن استهداف أي شخص يصور الأحداث والاعتداء عليه وسرقة متعلقاته الشخصية كما تم الاعتداء على مسيرة نسائية سلمية. وبعد ساعات تجمع المتظاهرون المعارضون للرئيس عند ميدان روكسي وتوجهوا إلى القصر في مسيرة وبعد ذلك اندلعت الاشتباكات. وأبلغ الأطباء عن إصابات من الحجارة والخرطوش والطلق الناري.

وأطلقت قوات الأمن بعض قنابل الغاز على معارضي الرئيس ولكن فشل الأمن في فض الاشتباكات. وأفاد شهود عيان أن مؤيدي الرئيس كانوا مسلحين بالبنادق الألي والخرطوش كما شهدت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان إطلاق بعضهم لقنابل الغار.

وجاء العنف بسبب الإعلان الدستوري الصادر عن الرئيس مرسي يوم 22 نوفمبر 2012 والذي أعطى نفسه فيه كل سلطات الدولة حيث يمنع الإعلان أي جهة قضائية من الطعن على جميع قرارات الرئيس منذ توليه منصبه في يونيو 2012 كما يحصن مجلس الشورى والجمعية التأسيسية من أي قرار قضائي يصدر بحلهما كما أقال النائب العام وتم تعيين نائب عام حديد لولاية مدتها 4 سنوات.

ومنذ 22 نوفمبر واندلعت الاحتجاجات في كافة أنحاء البلاد وأحياناً بعنف مما أدى إلى مقتل ثلاثة متظاهرين على الأقل في القاهرة ودمنهور. وفي محاولة تقليص لغضب الشارع، أعلن الرئيس مرسي يوم 1 ديسمبر بأن الإعلان الدستوري سيسقط مع الدستور الجديد الذي سيتم الاستفتاء عليه يوم 15 ديسمبر . وتذكر بقلق الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان بأن مشروع الدستور تم الانتهاء منه والتصويت عليه بسرعة شديدة في الجمعية التأسيسية يوم 29 ديسمبر وبعدما انسحبت معظم القوة المدنية احتجاجاً على عدم الأخذ برأيهم وسيطرة التيار الإسلامي على الحوار.

وتستنكر الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان فشل اللجنة التأسيسية في تناول التطلعات الأساسية للشعب المصري وثورة 25 يناير كما يقصر في تقديم ضمانات للمواطنة والمساواة والحرية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.

الدستور يفشل في ضمان المساواة بين الرجل والمرأة كما لا يجرم التمييز على أساس الجنس ويعتبر هذا تراجع عن دستور 1971 حيث ضمنت المادة 11 من دستور 1971 على إن الدولة تضمن "تساوي المرأة مع الرجل في المجلات السياسية والمجتمع والثقافة والاقتصاد"بينما مسودة الدستور صامتة على المساواة بين الجنسين ويشار إلى المرأة فقط في سياق العائلة حيث ينص بغموض على إن تكفل الدولة "التوفيق بين واجبات المرأة نحو أسرتها وعملها العام.”

أما بالنسبة إلى حرية التعبير عن الرأي، يفشل الدستور في حماية المواطنين من القمع حيث ينص الدستور على أن"لا يجوز بحال إهانة أى إنسان أو ازدراؤه" ولكن هذه المادة ليست واحدها في قمع حرية التعبير حيث تنص المادة 44 على "تُحظر الإساءة أو التعريض بالرسل والأنبياء كافة". وقد تم محاكمة العديد من المصريين بتهمة ازدراء الأديان كما ازداد في عهد الرئيس مرسي الإجراءات الجنائية ضد المعارضين بتهمة "إهانة الرئيس" و"إهانة القضاء". فإن غموض النصوص المذكورة تعطي إشارات قلقة لأنها تفتح الطريق على إساءة استخدام القانون لقمع حرية التعبير.

ولا تزال الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان قلقة للغاية لأن يفشل الدستور في حماية المصريين ذو الديانات الأخرى غير السماوية حيث تضمن المادة 43 أقامة دور العبادة للأديان السماوية. ففي عصر مبارك عانى المصريين البهائيين من التمييز بسبب عقيدتهم وقد فشل الدستور ضمان لهم حقهم في حرية العقيدة.

وإلى جانب النقص في الحقوق والحريات، لا يقدم الدستور ضمانات كافية لاستقلال القضاء والفصل بين السلطات والشفافية. كما انتُقد الدستور من قبل العديد من المعارضة المدنية ومنظمات المجتمع المدني لأنه يعطي سلطات واسعة للسلطة التنفيذية و السلطات التشريعية مفصلة لخدمة مصالح جماعة الأخوان المسلمين.

وأفادت سهير بالحسن، رئيسة الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، "إن الإعلان الدستوري يقوض سيادة القانون". وأضافت بالحسن، " تخيير المصريين بين إعلان دستوري مستبد ودستور معيب للغاية يجعل نوايا الرئيس مرسي للحكم الديمقراطي موضع شك كبير".

وأخيراً، الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان قلقة للغاية من تصريحات نائب الرئيس محمود مكي حيث قال "إن الشرعية الوحيدة من صندوق الاقتراع وغير ذلك البقاء للأقوى". إن هذا التصريح الذي أدلى به نائب الرئيس في مؤتمر صحفي يوم 5 ديسمبر حينما تواجد المتظاهرون حول القصر، يمكن اعتباره تحريضا على مزيد من العنف. وجاء المزيد من التحريض على العنف على لسان أعضاء حزب الحرية والعدالة حيث ناشدوا "عشرات الآلاف من الشعب المصري بالذهاب إلى قصر الاتحادية ومحاصرة البلطجية وحماية الرئيس والشرعية والثورة".

المسؤولية الأساسية لهذه الحلقة الدموية الجديدة في الفترة الانتقالية في مصر تقع في يد الرئيس مرسي" صرحت بالحسن. “نحن ندعم الجهد الكبير من منظماتنا الأعضاء والشركاء في مصر في تعزيز وحماية الحقوق الأساسية والقيم العالمية في هذه الظروف الصعبة ،ومثلهم، نحن نخشى تصعيد في العنف بين المدنيين نتيجة لرفض مرسي سحب قراراته الأخيرة"، أضافت بالحسن.

أقرأ المزيد