مصر: الإفلات من العقاب يعيق الانتقال الديمقراطي

07/06/2012
البيانات الصحفية
ar en

في يوم 2 يونيو 2012، تم الحكم على الرئيس السابق حسني مبارك ووزير الداخلية السابق حبيب العادلي بالسجن المؤبد وتم تبرئة جميع مساعدي وزير الداخلية الستة في نفس القضية.

تعتبر الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان الإجراءات ضد المرتكبين المزعومين للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان خلال الثورة المصرية في يناير\ فبراير 2011 ، توضيح لثقافة الإفلات من العقاب.

في حين رحبت الفدرالية الدولية بالحكم الصادر على حسني مبارك وحبيب العدلي و اعتبرته رسالة واضحة توحي بأن لا أحد فوق القانون، ولكن تعتبر الفدرالية الدولية أن الحكم لم يأخذ في الاعتبار المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان كما أن تبرئة ستة من ضباط الشرطة المزعوم أنهم مسؤولون عن إعطاء الأوامر لقتل 846 متظاهرا في بداية للثورة، يعطي الإشارة الأخضر للأجهزة الأمنية تحت سلطة وزارة الداخلية لارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان من دون أن أي محاسبة.

الفدرالية الدولية تكرر نداءها للسلطات المصرية للانخراط في عملية شاملة للعدالة الانتقالية من أجل تقديم مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان إلى العدالة واعتماد الإصلاحات الضرورية لمنع المزيد من الانتهاكات.


للتذكير بأن في عام 2011 جرت الفدرالية الدولية بعثة تقصي الحقائق تشمل الفترة من 25 يناير إلى 11 فبراير 2011 في القاهرة والأسكندرية والسويس ونشرت تقريرها بعنوان "ثمن الأمل: انتهاكات حقوق الإنسان أثناء الثورة المصرية" [1]. التقى أعضاء البعثة بمتظاهرين وجرحى وأقارب الشهداء وناشطين حقوقيين وسياسيين ودينيين وأعضاء في مجموعات الشباب ومحامين وصحفيين وأطباء والنائب العام.

تظاهر عشرات الآلاف من المتظاهرين العزل في أنحاء البلاد يوم 25 يناير و 28 يناير 2011 وتم مواجهتهم بقوة وحشية من قبل قوات الأمن المركزي. وفقا للأرقام الرسمية، قتل 846 شخصا وجرح 6467 بينهم أكثر من ألف حالة فقد نهائي للأبصار كما عثرت البعثة على أدلة تشير إلى أن المتظاهرين تعرضوا لإطلاق الرصاص في الجزء العلوي من الجسد والعينين مما تسبب في الكثير من حالات تمزق كرة العين.

ففي تقريرها الذي نشر في مايو [2]2011، أفادت الفدرالية الدولية بأن:

" المعلومات التي توفرت في أثناء مهمة تقصي الحقائق تشير إلى ارتكاب الشرطة جرائم قتل والشروع في قتل المتظاهرين السلميين أثناء الثورة وكذلك تعذيبهم أثناء الاعتقال. وحيث أن هذه الجرائم قد ارتكبت بشكل منظم على مستوى الدولة بطريقة عمل واحدة، فهذا يظهر أن هناك خطة منظمة على أعلى مستوى يتم تنفيذها على مستوى الشارع، ولذلك يجب محاسبة كل أفراد التسلسل القيادي سواء على التخطيط أو التنظيم لقتل المتظاهرين وتعذيبهم أثناء الاعتقال، أو للضلوع المباشر في هذه الأعمال".

وواصلت الفدرالية الدولية بسرد أسماء المسؤولون الذين يجب محاكمتهم:

"الرئيس السابق محمد حسني مبارك، ووزير الداخلية السابق حبيب العادلي، ورؤساء أجهزة الشرطة المختلفة مثل حسن عبدالرحمن رئيس مباحث أمن الدولة السابق، وعدلي فايد مساعد وزير الداخلية للأمن العام، وأحمد رمزي رئيس قوات الأمن المركزي السابق، مروراً بمديري الأمن على مستوى المحافظات، مثل اسماعيل الشاعر في القاهرة ومحمد ابراهيم في الأسكندرية ومحمد عبد الهادي في السويس، ففي قبولهم نقل الأوامر إلى رؤساء الأقسام ورجال الشرطة في الشوارع، يتحمل مديرو الأمن نفس مسؤولية قتل المتظاهرين".


الحكم على مبارك والعادلي:

بعد سقوط نظام مبارك، طالب المتظاهرون في أنحاء البلاد بمساءلة ضباط الشرطة الذين أطلقوا النار على المتظاهرين خلال الثورة.و تم تعيين اثنين من لجان تقصي الحقائق للتحقيق في مقتل المتظاهرين خلال الثورة. أصدرت اللجنة الثانية لتقصي الحقائق التي شكلت من قبل المجلس القومي لحقوق الإنسان تقريرها في مارس 2011. ووضع التقرير مبارك والعادلي في أول المسؤولية عن الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين. وفقا لذلك، في مارس 2011، اتهم المدعي العام العدلي ومساعديه الثلاثة، حسن عبد الرحمن، الرئيس السابق لأمن الدولة، وأحمد رمزي، الرئيس السابق لقوات الأمن المركزي،و فايد عدلى، المدير السابق لللأمن العام واللواء اسماعيل الشاعر،المدير السابق للأمن في القاهرة وشملت الاتهامات جرائم القتل والشروع في قتل المتظاهرين، فضلا عن تهم فساد أخرى.

في أبريل 2011، اتهم المدعي العام مبارك بالتواطؤ في القتل والشروع في قتل المتظاهرين وأمر باعتقاله. في مايو 2011، أحال مبارك أخيرا للمحاكمة التي بدأت يوم 3 أغسطس 2011 في المحكمة الجنائية بالقاهرة. في 15 أغسطس 2011، بناء على طلب من محامين الضحايا، أعلنت المحكمة أنها سوف تنضم قضية العادلي ومساعديه مع قضية مبارك.

في 2 يونيو 2012، ألقى القاضي أحمد رفعت بالحكم، و حكم بتبرئة ستة من ضباط الشرطة من التهم المنسوبة إليهم من قتل وجرح المتظاهرين وحكمت المحكمة على مبارك والعدلى بعقوبة السجن مدى الحياة لفشلهم في منع قتل المتظاهرين وتمت تبرئة مبارك وولديه من جميع اتهامات بالفساد. وأشار القاضي أن النيابة العام لم تقدم أي دليل مادي لإثبات التهم على ستة من ضباط الشرطة عن قتل المتظاهرين. كما ادعى القاضي أن الأدلة لم تثبت أن المتظاهرين لقوا حتفهم نتيجة لذخيرة حية أطلقت من قبل الشرطة، وأضاف أن المحكمة لم تستطيع التعرف على الجاني الحقيقي للجريمة، وبالتالي فإنه لا يمكن أن تثبت العلاقة بين الجاني وضباط الشرطة.

أكثر من سنة مضت منذ اندلاع الاحتجاجات والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تنطوي على القوات الحكومية، والضحايا لا يزالون ينتظرون أن تأخذ العدالة مجراها. إن محاكمة مبارك و رؤوس النظام السابق يمكن اعتبارها "مسرحية" ومعظم الأحكام الصادرة في قضايا قتل المتظاهرين جاءت في صالح ضباط الشرطة بتبرئتهم. وكان من بين الحجج المتكررة من قبل تفسير القضاة للأحكام التي صدرت بتبرئة رجال الشرطة ، هي أنهم كانوا في حالة "الدفاع عن النفس" من المتظاهرين خارج أقسام الشرطة.


عن أحكام البراءة:

في ديسمبر 2011، برأت المحكمة ستة من ضباط الشرطة من السيدة زينب عن مقتل ستة متظاهرين، ولكن في فبراير 2012، قدم المدعي العام استئنافا على هذا القرار. في يناير 2012، برأت المحكمة اثنين من ضباط الشرطة المتهمين بقتل أحد المتظاهرين أمام قسم عين شمس.و في 27 فبراير، برأت محكمة الجنايات بالقاهرة اثنين من ضباط الشرطة لمحاولة قتل اثنين من المتظاهرين أمام قسم السلام.

وفي 7 مارس 2012، برأت محكمة جنايات القاهرة ثلاثة من ضباط الشرطة المتهمين بالشروع في القتل المتظاهرون في الزاوية الحمراء يوم 28 يناير 2011. وفي 8 مارس 2012، برأت محكمة جنايات القاهرة وائل عرفان من تهمة قتل المتظاهرين أمام قسم شرطة الشرابية. في 17 مارس 2012، برأت محكمة جنايات القاهرة 14 من رجال الشرطة على نفس التهم لكلاً من قسم شبرا والمرج. وفي 20 مارس 2012، برأت المحكمة ثلاثة من ضباط الشرطة بتهمة قتل ومحاولة قتل المتظاهرين أمام قسم حدائق القبة. وأصدرت المحكمة نفسها حكم عام واحد مع وقف التنفيذ لإحدى عشر ضابط شرطة.

في 24 مارس 2012، برأت محكمة الجنايات بالقاهرة عبد العزيز الحامولي والذي اتهم بقتل ثلاثة من المتظاهرين أمام قسم شرطة الوالي يوم في 28 يناير 2011. وفي 13 مايو 2012، برأت محكمة الجنايات بشمال القاهرة محمد صادق من تهمة محاولة قتل وقتل المتظاهرين أمام قسم شرطة السلام. وفي 31 مايو 2012، برأت محكمة جنايات القاهرة 4 من ضباط الشرطة بتهمة قتل 3 من المتظاهرين وجرح 7 أمام قسم شرطة العامرية. ويوم 5 يونيو 2012 برأت محكمة جنايات القاهرة أمين شرطة متهم بقتل سبعة من المتظاهرين في المقطم. في يوم 6 يونيو 2012، حكمت محكمة جنايات الجيزة ببراء 13 ضابطًا وأمين شرطة، في قضية قتل متظاهري كرداسة وإمبابة، والمتهمين بقتل 6 متظاهرين والشروع في قتل 18 آخرين.

أما محمد عبد المنعم إبراهيم، والذي حكم عليه غيابيا من قبل محكمة جنايات القاهرة في العام الماضي بالإعدام بتهمة قتل 18 متظاهرا وجرح 3 أمام قسم الزاويا الحمراء، فتم إعادة محاكمته أمام نفس المحكمة وحصل في نهاية المطاف على 5 سنوات في السجن في 30 مايو 2012.و في 7 مارس 2012، برئت المحكمة إبراهيم عن قتل المتظاهرين في قضية أخرى ضده.

فإن النتيجة الوحيدة الإيجابية حتى يومنا هذا تنبع من محكمة جنايات الجيزة، ففي 22 مايو 2012، حكمت المحكمة على 5 من رجال الشرطة لمدة 10 سنوات سجن بتهمة قتل 5 من المتظاهرين وإصابة 17 أمام قسم الجيزة والحوامدية و على الرغم من ذلك، حكمت نفس المحكمة على اثنين من ضباط الشرطة بسنة واحدة سجن مع وقف التنفيذ، وبرأت 10 ضباط آخرين.

يوم الأحد الماضي، أفاد القاضي في تعليل الحكم بأن النيابة العامة لم تكن قادرة على تحديد هوية الجناة من أجل إثبات مسؤولية مسؤولو وزارة الداخلية وأضافت إن النيابة العامة فشلت في تقديم أدلة على أن مبارك والعدلي أعطوا أمر مباشر لاستخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين.

تأسف الفيدرالية الدولية عم ما أشارت له المحكمة عن استنادها في تعليلها للحكم بعدم وجود أدلة بعدما رفضت المحكمة شهادات ومعلومات من شهود العيان وموظفي الطب الشرعي ولقطات الفيديو وتقارير المنظمات غير الحكومية، قائلة إنها لم تكن مقنعة.علاوة على ذلك، تخشى الفدرالية الدولية أن الحكم الصادر يوم السبت الماضي قد يفتح الباب لإعادة محاكمة مبارك أو تبرئته من التهم المنسوبة إليه عند النقض وذلك بالاستناد للأحكام الصادرة عن 6 من ضباط الشرطة.

علاوة على ذلك، ينبغي التذكير بأن وفقاَ لقانون حقوق الإنسان الدولي والقانون الجنائي الدولي، القائد العسكري مسؤولاً جنائياَ عن الجرائم المرتكبة من جانب قوات تخضع لإمرته نتيجة لعدم اتخاذه التدابير اللازمة لمنع أو قمع تلك الجرائم. ففي الوضع الحالي، الشرطة كانت تخضع تحت السيطرة المباشرة لمبارك والعادلي والذين كان عندهم علم بالقمع الجاري وفشلوا في السيطرة على قوات الأمن [3].

وفي هذا الصدد، تشير الفدرالية الدولية إلى أن طبقاً للدستور المصري، فإن رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة والقائد الأعلى للشرطة وبالتالي رئيس المجلس الأعلى للشرطة و إن رئيس الجمهورية ووزير الداخلية مسئولان سياسياً وقانونياً عن كل عمل متعلق بالأمن في الدولة وكذلك عن أفعال مرؤوسيهما.

تعتبر الفدرالية الدولية إن محاكمة حسني مبارك لم ولا يجب أن تستبعد عملية واسعة النطاق للعدالة الانتقالية والتي قد تمكن إجراء فحص شامل لانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في عصر مبارك. وينبغي على السلطات المصرية تحديد إطار واسع للعدالة الانتقالية التي تنص على عملية لقول الحقيقة على الجرائم المرتكبة خلال الثورة وعهد مبارك بالكامل وذلك من أجل تقديم مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان للعدالة، وتحديد إطار لتعويض ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، واقتراح إصلاحات للمؤسسات والقضاء من أجل منع تكرار مثل هذه الانتهاكات في المستقبل.


عن الإجراءات الجارية ضد ضباط الشرطة:

في قضية ضباط الشرطة المسؤولين عن قتل المتظاهرين في الأسكندرية، وجه النائب العام اتهامات لكلاً من اللواء محمد إبراهيم، مدير أمن الإسكندرية السابق، واللواء عادل اللقاني، مدير قطاع الأمن المركزي، والمقدم وائل الكومي، رئيس مباحث قسم شرطة ثان الرمل، والرائد مصطفى الدامي، معاون قسم شرطة محرم بك والنقيب محمد سعفان معاون قسم شرطة المنتزه والنقيب معتز العسقلاني،معاون قسم شرطة الجمرك وتم اتهامهم بالقتل والشروع في القتل وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة.

في 11 مارس 2011، أمر المستشار ياسر الرفاعي بالإفراج عن محمد ابراهيم وعادل اللقاني على ذمة التحقيق. وفي نفس اليوم ، أمرت النيابة بحبس وائل الكومي ومحمد سعفان ومعتز العسقلاني؛ هؤلاء الضباط اعترفوا بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين.

وكشفت التحقيقات عن تحفظ النيابة علي أوراق تثبت خروج 4 آلاف طلق خرطوش في اتجاه الميادين العامة لمواجهة التظاهرات وكذلك قيام الضباط بإطلاق رصاص حي علي المتظاهرين أمام الإقسام مما أدى لمقتل 96 متظاهراً وإصابة 490 آخرين. وأمر المستشار ياسر الرفاعي، المحامي العام الأول لنيابات استئناف الاسكندرية، بإحالة الضباط المذكورين سلفاً إلى نيابات استئناف الاسكندرية.

في 21 يونيو 2011، قررت المحكمة تأجيل المحاكمة إلى 17 أكتوبر لاستكمال الطلبات وسماع أقوال الشهود في القضية كما أخلت سبيل كلاً من وائل الكومي ومحمد سعفان ومعتز العسقلاني. أما في يوم 17 أكتوبر، تم تأجيل المحاكمة إلى 20 ديسمبر ثم بعد ذلك إلى مارس 2012. وفي يوم 21 مارس 2012، قررت المحكمة إرجاء المحاكمة إلى أجل غير مسمى، لحين توفير مكان آمن لنظر القضية و في يوم 12 أبريل 2012 حدد المستشار سيد عمر رئيس محكمة نيابة استئناف الاسكندرية 17 يونيه القادم موعدا لاستئناف محاكمة المتهمين.

و خلال أعتصام 8 يوليو 2011 في ميدان التحرير، أمر منصور العيسوي وزير الداخلية السابق، مستجاباً ألى ضغوط الشارع، بحركة تنقلات كبيرة بوزارة الداخلية وخاصاً لأولئك الضباط المتهمين بقتل المتظاهرين. وقد تم نقل وائل الكومي، الذي لا يزال قيد المحاكمة، إلى الإدارة العامة للكهرباء حيث حصل على منصب أعلى وراتب أعلى. كما نقل معتز العسقلاني إلى أكاديمية الشرطة، ونقل محمد سعفان إلى الإدارة العامة للشرطة ومصطفى محمد دامي إلى إدارة التدريب. ومن الجدير أن نلاحظ أيضا أن جميع هذه الإدارات معروفة بامتيازاتها المالية وتعتبر محل للترقيات والمكافئات لضباط الشرطة. هؤلاء ضباط الشرطة الذين يحاكمون على الانتهاكات التي ارتكبت أثناء الثورة، لم يتم فصلهم من العمل بل تم ترقيتهم إلى وظائف أخرى برواتب أعلى.

أما في السويس، في 25 مارس 2011، وجه النائب العام تهمة قتل المتظاهرين ل 14 من رجال الشرطة من بينهم اللواء محمد محمد عبد الهادى مدير أمن السويس السابق، والنقيب محمد عادل، رئيس مباحث قسم السويس السابق، ومحمد عزب، رئيس مباحث قسم الأربعين، ومحمد صابر، معاون مباحث قسم شرطة الأربعين، والعقيد هشام حسين حسن أحمد والعميد علاء الدين عبد الله، قائد الأمن المركزي بالسويس، والمقدم إسماعيل هاشم هاشم والنقيب محمد عازر، والملازم أول مروان توفيق وعريف شرطة أحمد عبد الله أحمد ورقيب قنديل أحمد حسن، إضافة إلى إبراهيم فرج صاحب معرض سيارات، وأبنائه عيسوى وعادل وعربى. ويوجه إلى المتهمين المذكورين سلفاً تهمة قتل 26 متظاهرا وإصابة 320 آخرين.

وفي 4 يوليو 2011، قررت المحكمة تأجيل المحاكمة إلى 14 سبتمبر وأمرت بالإفراج عن سبعة من المتهمين. وصدر أمر نقل المحاكمة من الإسماعيلية إلى السويس بناءً على طلب من محاميين الضحايا، مما أدى إلى التأخير في جلسات الاستماع، ومن المقرر انعقاد الجلسة المقبلة يوم 29 يوليو 2012. وفي يناير 2012، تم إخلاء سبيل أربعة من ضباط الشرطة بكفالة.


الخاتمة:

الفدرالية الدولية تؤكد أن النظام القائم على سيادة القانون ومكافحة الإفلات من العقاب لابد أن يكون الأولوية للسلطات المصرية الجديدة.

إن الضحايا وعائلاتهم كان يأملون أن يقدم لهم القضاء العدالة والتعويض ولكن للأسف يبدو أن العدالة لا تزال في صميم التحديات الرئيسية التي تواجهها مصر في مرحلة ما بعد مبارك.

منذ فترة طويلة، نددت منظمات حقوق الإنسان بنظام القضاء في مصر ولأنه ينطوي على ثقافة الإفلات من العقاب ويفتقر آليات مناسبة لعقد محاكمات تتشكل من عدة متهمين وخاصة إذ كانت الدولة طرف متورط.

إن إصلاح النظام القضائي يجب أن يقف بين الأولويات الأولى للبرلمان الجديد، بالإضافة إلى توفير إطار قانوني لحماية الضحايا والشهود وخصوصا في الحالات التي تنطوي على الأجهزة الأمنية. كما واقع الأمر، في الحالات التي تنطوي على ضباط الشرطة، يكون الانتقام من الضحايا وعائلاتهم أمر مرجح للغاية. وبالفعل، خلال الشهور الماضية قد أبلغ عن عدة حالات من التهديدات لأسر الضحايا وعروض نقدية مقابل إسقاط التهم ضد ضباط الشرطة. وبالإضافة إلى ذلك، تم إطلاق سراح العديد من ضباط الشرطة المتهمين بكفالة مما يعوق سلامة الشهود.

وعلاوة على ذلك، ينبغي أن يتم فصل كلاً من ضباط الشرطة من مناصبهم في حالة فتح تحقيق ضدهم. ولكن على العكس من ذلك، لاحظنا أن على الرغم من الدعاوى الجنائية ضدهم، فالعديد من رجال الشرطة استمروا في وظائفهم، إن لم يكن تم ترقيتهم. فهذا يفرض ثقافة الإفلات من العقاب لضباط الشرطة الذي سادت على مدى العقود الماضية وهي نفس الثقافة التي رفض وثار عليها مئات الآلاف من المصريين حين تظاهروا في الشوارع في يناير 2011.

وفي هذا الصدد، تحث الفدرالية الدولية القضاء المصري على الحفاظ على الامتثال أمام المحاكم الجنائية العادية، وبالحكم على المسؤولون عن الجرائم التي ارتكبت خلال الثورة والاعتماد على الوثائق وعناصر الإثبات التي تم جمعها من قبل منظمات حقوق الإنسان العديدة و المحامين الذين قاموا بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان أثناء ومنذ الثورة المصرية.

إن المرحلة الانتقالية تظل تحديا كبيرا للمجتمع المصري وأيضاً مصدر للأمل والقلق للشعب المصري.إن التحديات الكبرى أمام التحول الديمقراطي يتمثل في إنشاء مؤسسات ديمقراطية مع ضمانات كافية لمنع تكرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. فينبغي أن يكون النظام قائم على سيادة القانون ومكافحة الإفلات من العقاب والضمانات الدستورية للمحاكمة العادلة، من بين الأولويات الأولى للبرلمان الجديد.

الفدرالية الدولية ترحب بنهاية حالة الطوارئ اعتبارا من 31 مايو 2012، ومع ذلك، فهي تشير إلى أنه ينبغي إطلاق سراح جميع المعتقلين بموجب قانون الطوارئ أو اتهامهم بارتكاب جريمة معترف بها ومحاكمتهم أمام محاكم مدنية توفي بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.

وينبغي على مصر أيضا أن تغتنم الفرصة للتصديق وتنفيذ الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان التي تركت خارج نظامها التشريعي ويتم تنفيذ بعناية التوصيات التي اتخذتها هيئات حقوق الإنسان في تقاريرها عن مصر.


التوصيات:

الفدرالية الدولية تكرر بعض توصياتها و تحث السلطات المصرية على:

حول المسئولية والمحاسبة:

  • مواصلة الملاحقة القضائية أمام المحاكمة المدنية والحكم على المسئولين عن الجرائم المرتكبة في فترة الثورة.
  • يجب التحقيق مع كل رؤساء الأجهزة الأمنية (أمن الدولة, المباحث, الأمن المركزي) على مستوى الدولة والمحافظات ومحاسبتهم على دورهم في قمع الثورة وكذلك على اتهامات انتهاك حقوق الإنسان المرتكبة في ظل النظام السابق. يجب أن يحقق النائب العام في الشكاوى المقدمة في الماضي من ناشطين حقوق الإنسان أو الأفراد حول انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها هذه الأجهزة الأمنية.
  • ضمان التعاون الكامل من وزارة الداخلية مع أي تحقيق حول انتهاكات ضباط الداخلية, وذلك بأمر الضباط بالاستجابة الفورية لاستدعاء النيابة وتوفير كل وثائق وزارة الداخلية المطلوبة.
  • تعديل قانون الإجراءات الجنائية بحيث يسمح لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان برفع دعاوى قضائية مستقلة ضد مرتكبي هذه الانتهاكات.
  • تحذر الفيدرالية من مخاطر المحاكمات المتعجلة وتحض السلطات على التحقيق الكامل في القضايا لضمان توفير المحاكمات العادلة لكل المتهمين, بما يعنيه ذلك من توفر محكمة اختصاص ذات كفاءة واستقلالية وحيادية يكفلها القانون. يجب أن يكون الحكم علنياً. هذا أيضاً يعني أن يحاكم المدنيون أمام محاكم مدنية وليست عسكرية.

حول الاعتقال والمحاكمة العادلة:

  • إطلاق سراح كل المحتجزين طبقاً لقانون الطوارئ أو توجيه اتهام واضح إليهم ومحاكمتهم أمام محاكم مدنية تفي بشروط المحاكمة العادلة.
  • التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها ضباط الجيش أثناء الثورة وبعدها ومحاسبتهم.
  • عدم محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية, بل محاكم مدنية يكفل لهم فيها الحق في المحاكمة العادلة.
  • إعادة محاكمة كل المدنيين المحكوم عليهم من محاكم عسكرية أمام محاكم مدنية.
  • توفير الحق في المحاكمة العادلة للجميع, بما في ذلك أعضاء النظام السابق.
أقرأ المزيد