فوفق الاتفاق الأخير الذي تم التوصل إليه بين المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والأمن العام اللبناني بتاريخ 14 شباط 2008، يعطى اللاجئون العراقيون في لبنان، ولمرة واحدة فقط، فترة سماح لمدة ثلاثة أشهر لتسوية أوضاعهم أو مغادرة لبنان. كان الهدف المنشود من هذا الاتفاق حماية المئات من اللاجئين العراقيين المحتجزين حالياً، لفترات متمادية وغير محددة، بتهمة الدخول "غير الشرعي" إلى لبنان.
ولكن، وبالرغم من سيل البيانات الصحفية المهنئة، فإن هذا الاتفاق لا يتعدى كونه نوعا من المجاملات غير المجدية. إذ انه لم يأت بأي أحكام جديدة أو يعترف بحق اللاجئ بعدم الترحيل أو بالحماية من التوقيف و الاحتجاز. فالجديد الوحيد في هذا الاتفاق هو إطلاق سراح "مشروط" للاجئين مقابل التزام المفوضية بدفع مبلغ 950000 ل.ل. (حوالي 630 دولار أميركي ) عن كل لاجئ للأمن العام تمثل غرامة الدخول غير الشرعي..
ففي ظل هذا الاتفاق سيكون لدى اللاجئين العراقيين (شأنهم شأن أي أجنبي غير شرعي آخر) فترة ثلاثة أشهر لتسوية أوضاعهم. وعلى كل واحد منهم أن يجد خلالها كفيلاً، يستحصل على إذن عمل، يدفع مبلغ 300 دولار أميركي كرسم إقامة، ويثبت إيداع كفالة 1000 دولار أميركي في مصرف، إضافة إلى مصاريف فحوصات طبية وتأمين. والعديد منهم إن لم نقل معظمهم لن يتمكنوا من استيفاء هذه الشروط أو الموجبات، لا سيما خلال المهلة المحددة الممنوحة لهم ( ثلاثة أشهر). ومن سيستطع توفير هذه الشروط، سيجد نفسه كذلك تحت رحمة أرباب العمل وعرضة للاستغلال و سوء المعاملة.
بالتزامن مع هذا الاتفاق، أعلنت مديرية الأمن اللبناني في 18 شباط 2008 عن منح فترة سماح لجميع الأجانب غير الشرعيين لتسوية أوضاعهم القانونية أو مغادرة لبنان. إلى تاريخه، تم إطلاق حوالي 70 عراقيا محتجزاً فقط، على ان يتم إطلاق سراح المحتجزين الآخرين الذين أنهوا فترات عقوبتهم في السجن تباعا. غير ان معاملات اخلاء السبيل ستكون فردية وعرضة للروتين الاداري الذي سيؤدي الى فترات انتظار طويلة لاتمام كافة الاجراءات.
ولا بد من الإشارة إلى أن هذا الاتفاق بين المفوضية والأمن العام ليس بالشيء الجديد، فقد درج الأمن العام اللبناني من وقت لآخر على منح فترات سماح للأجانب غير الشرعيين، كان آخرها عام 2007، ويمكن القول أنه لا يتم اتخاذ هذه الإجراءات لاعتبارات قانونية أو إنسانية بقدر ما تهدف للحد من اكتظاظ السجون .
في الواقع، لن يحمي هذا الاتفاق اللاجئين ولن يرتقي بلبنان إلى درجة الالتزام بالمعايير الدولية في هذا الشأن، حيث انه لا يتضمن أي نوع من الاعتراف بالوضع القانوني الخاص للاجئين مقارنة مع غيرهم من الأجانب غير الشرعيين.
ومن حق اللاجئين العراقيين، شأنهم شأن كافة اللاجئين، أن يحظوا بحماية حقيقية وجدية وليس بمجاملات غير مجدية فحسب. وفي هذا الصدد، تدعو جمعية روّاد فرونتيرز والفيدرالية الدولية لحقوق الانسان الحكومة اللبنانية إلى الالتزام والعمل بسياسة المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي تعتبر العراقيين لاجئين "للوهلة الأولى
prima facie
وبالتالي فإن العراقيين مخولون بالحصول على حق الإقامة المؤقتة، عدم الترحيل، وكافة الحقوق الأساسية كالحق في المسكن والمأكل والتعليم والرعاية الصحية. وبشكل عام، تطالب جمعية روّاد فرونتيرز والفيدرالية الدولية لحقوق الانسان الحكومة اللبنانية بتبني قانون لتنظيم اللجوء، كما تطالبان المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بمتابعة مفاوضاتها مع الحكومة اللبنانية للتوصل لاتخاذ جميع الإجراءات الضرورية .