وفي الوقت الذي كانت فيه لينا بن مهني داخل سيارتها وفي مأوى السيارات التابع لمنطقة الأمن الوطني المكلفة بالتنسيق لحمايتها، تم إجبارها من قبل أربعة أعوان على الخروج من سيارتها ثم عمدوا إلى إدخالها إلى منطقة الأمن حيث تواصل الاعتداء عليها وانتهاك حرمتها الجسدية من طرف عشرة أعوان في الخدمة وذلك بضربها على مستوى الوجه وركلا بالأرجل عندما سقطت أرضا. وقد تعرّض أيضا السيد صادق بن مهني، والد لينا، إلى العنف الجسدي بينما تسلّط العنف اللفظي والإهانة على والدتها بل وطال المرافق الأمني المكلّف بحمايتها ولم يتوقف الاعتداء إلاّ عند وصول السيد رئيس منطقة الأمن.
تقدّم كل من السيدة لينا بن مهني والسيد صادق بن مهني بشكاية في نفس اليوم وذلك بحضور السيد رئيس المكتب المحلي للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بجربة ومحاميهما الأستاذ قيس رويس وذلك بهدف فتح تحقيق قضائي في الواقعة. وقد تم في البداية قبولهما من قبل أحد الأعوان الذين سلّطوا عليهما العنف، ثم ونظرا لإصرارهما على تغييره، تم سماعهما من قبل عون آخر.
يرِدُ هذا الاعتداء على خلفية نشاط لينا بن مهني في الدفاع عن حقوق الإنسان المعروف دوليا والذي تخوضه خاصّة عبر الأنترنات وعبر مدونتها. ومنذ 2011 تواجه لينا كذلك عديد الاعتداءات وحملات التشويه المتواصلة.
هذا وفي ليلة 24 أوت 2014، تم الاعتداء على السيدة هالة بوجناح الناشطة الحقوقية الشابة والأستاذة الجامعية التي تحوّلت إلى مركز الشرطة بسوسة للاستفسار عن حيثيات إيقاف شقيقها والمطالبة باحترام القانون وتطبيقه في عملية الإيقاف تلك فما راعها إلا تعرّضها بدورها للاعتداء والإيقاف لليلة كاملة في مركز الشرطة دون حضور محام.
يعرب المرصد عن قلقه الشديد حيال تواتر الاعتداءات التي استهدفت فاعلين يمارسون نشاطهم المشروع في الدفاع عن حقوق الإنسان وهو ما يعكس حالة التوتر العام بتونس قبيل إجراء الانتخابات التشريعية بتاريخ 26 أكتوبر. هذا المناخ العام الذي يسوده ومنذ مدّة ارتفاع محزن للعنف والقمع البوليسي واستغلال النفوذ على نحو يذكّرنا بما تمّت معاينته خلال انتخابات 2011.
ولذلك يطالبكم المرصد باتخاذ الإجراءات الضرورية لوضع حدّ للعنف والهرسلة البوليسية المسلّطة على السيدة لينا بن مهني وأقربائها وكذلك كافّة المدافعين عن حقوق الإنسان.
كما يطالب المرصد السّلطات التونسية وخاصة النيابة العمومية باتّخاذ الإجراءات اللازمة لفتح تحقيق جدّي ومحايد في العنف الذي لقيته السيدة لينا بن مهني وكافة النشطاء والإعلان عن نتائج التحقيقات وذلك بهدف تحديد المسؤولين ومعاقبتهم طبق القانون.
ويذكّر المرصد بالتزام تونس بضمان واحترام بنود إعلان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9 ديسمبر 1998 وخاصة منه المادة 9 وقد اقتضت "لكل شخص، لدى ممارسة حقوق الإنسان والحريات الأساسية، بما في ذلك تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها على النحو المشار إليه في هذا الإعلان، الحق، بمفرده وبالاشتراك مع غيره في الإفادة من أي سبيل انتصاف فعال وفي الحماية في حالة انتهاك هذه الحقوق". وأنه "وتحقيقا للغاية نفسها، يكون لكل شخص بمفرده وبالاشتراك مع غيره، الحق ضمن أمور أخرى في أن يشكو من سياسات الموظفين الرسميين والهيئات الحكومية بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان والحريات الأساسية وان يقدم شكواه في شكل عريضة أو بطريقة أخرى مناسبة إلى السلطات المحلية القضائية أو الإدارية أو التشريعية المختصة أو إلى أي سلطة مختصة أخرى ينص عليها النظام القانوني للدولة. ويجب على هذه السلطات أن تصدر قرارها في الشكوى دون أي تأخير لا موجب له ... أن يعرض ويقدم في سبيل الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات الأساسية مساعدات قانونية كفؤة مهنيا أو أية مشورة أو مساعدة أخرى ذات صلة".
مقتنعين بحساسيتكم للصبغة الملحّة لهذا المطلب، نشكركم مسبقا للعناية التي ستولونها له.
كريم لاهيدجي جيرالد ستابروك
رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان كاتب عام المنظمة الدولية ضد التعذيب