تونس ـ السجن 3 سنوات بتهمة المثلية الجنسية إخضاع 6 طلبة لفحوص شرجية

16/12/2015
البيانات الصحفية
ar en fr
CC

(تونس، 16 ديسمبر/كانون الأول 2015) ـ أفادت 13 منظمة حقوق الإنسان اليوم إن محكمة تونسية قضت في 10 ديسمبر/كانون الأول بسجن 6 طلبة لمدة 3 سنوات بتهمة "اللواط". هذه الإدانات تتناقض مع القانون الدولي، وتتعارض مع الحقوق المتعلقة بالخصوصية وعدم التمييز التي يكفلها الدستور التونسي لسنة 2014.

أخضعت السلطات التونسية المتهمين لفحوص شرجية لاستخدامها كأدلة في القضية. كما قضت المحكمة بتحجير الإقامة عليهم بمدينة القيروان مدة 3 سنوات بعد خروجهم من السجن.

قالت آمنة القلالي، مديرة مكتب هيومن رايتس ووتش في تونس: ": بينما كان التونسيون يحتفلون بجائزة نوبل للسلام التي فاز بها الرباعي الراعي للحوار الوطني في اليوم العالمي لحقوق الإنسان، قضت محكمة تونسية بعقوبات قروسطية على 6 طلبة في اعتداء صارخ على حياتهم الخاصة وحرمتهم الجسدية".

على وزارة العدل التونسية أن تصدر توجيهات على الفور للنيابة العمومية لتتوقف عن عرض الأشخاص على الفحوص الشرجية كجزء من إجراءات التحقيق التي تعتمدها الشرطة لتحديد السلوك الجنسي للمشتبه بهم. كما إن على وزارة الصحة إصدار توجيهات إلى جميع الأطباء الشرعيين الخاضعين لسلطة الوزارة بالكف عن إجراء فحوص شرجية لهذا الغرض، واحترام حق الأشخاص في الكرامة والحرمة الجسدية. المنظمات الموقعة تكرر، أخيرا، دعوتها للسلطات التونسية لإلغاء المادة 230 و تنقيح جميع الأحكام القاسية من قانون العقوبات التونسي.

في 5 ديسمبر/كانون الأول، أوقفت الشرطة 6 طلبة، احتفظت المنظمات الموقعة بأسمائهم لسلامتهم، في مدينة القيروان، 150 كلم جنوب تونس العاصمة. قالت بثينة القرقني، محامية أحد المتهمين، لـلمنظمات الموقعة إن الشرطة أوقفت الطلبة الستة في شقة أحدهم على الساعة 7 مساءً بناء على شكوى من جيرانه. كما فتشت الشرطة المنزل، وصادرت أجهزة حاسوب، واقتادتهم إلى مركز الشرطة بطريق حفوز بالقيروان.

في اليوم الموالي، وجهت النيابة العمومية في المحكمة الابتدائية في القيروان تهمة اللواط للشبان، عملا بالفصل 230 من "المجلة الجزائية"، وأمرت باحتجازهم وعرضهم على الفحص الشرجي. أجرى الطبيب الشرعي المعتمد في مستشفى القيروان العمومي هذه الفحوص، وأضافت النيابة التقرير الطبي إلى الأدلة.

قالت بثينة القرقني، التي كانت حاضرة أثناء الجلسة والتصريح بالحكم، إن قاضي المحكمة الابتدائية في القيروان أصدر في 10 ديسمبر/كانون الأول أقصى عقوبة ينص عليها الفصل 230، وهي السجن لمدة 3 سنوات. يفرض الفصل 230 هذه العقوبة على المتهمين باللواط، حتى اذا حصل في مكان خاص.

كما فرض القاضي على المتهمين عقوبة تكميلية بتحجير الإقامة عليهم بمدينة القيروان مدة 3 سنوات، عملا بالفصل 5 من المجلة الجزائية. وحُكم على أحد المتهمين بـ 6 أشهر إضافية عملا بالفصل 226 بتهمة "المجاهرة عمدًا بفُحش"، اعتمادا على مقاطع فيديو إباحية عثرت عليها الشرطة في حاسوبه.

حتى في أيام بن علي، لم تقم المحاكم أبدا، على حد علمي، بإصدار حكم النفي. كل شخص لديه الحق في التصرف في جسده حرمة منزله ويعتبر هذا العقاب انتهاكا للحقوق الأساسية المكرسة في الدستور التونسي والتي تكفلها الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها تونس"، صرح مختار طريفي، رئيس مكتب تونس للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان.

حصل متهمين على تمثيل قانوني في المحكمة. يقبع الطلبة الستة الآن في سجن القيروان. ويحق لهم استئناف الحكم قبل 20 ديسمبر/كانون الأول، وقد قام واحد منهم بذلك.

تعتبر الملاحقات القضائية للعلاقات الجنسية الخاصة التي تتم بين بالغين بالتراضي انتهاكا للحقوق المتعلقة بالخصوصية وعدم التمييز التي يكفلها "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" (العهد)، وتونس طرف فيه. "لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة"، ومهمتها مراقبة التزام الدول بالعهد، أكدت بوضوح وفي مناسبات متعددة أن التوجه الجنسي وضع محميّ من التمييز بموجب أحكام العهد. كما خلص "فريق الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي" إلى أن إيقاف الأشخاص بسبب سلوك جنسي مثلي حصل بين بالغين بالتراضي يُعتبر من حيث التعريف عملا تعسفيا.

هذه الحقوق مكفولة في الدستور التونسي لسنة 2014، الذي ينص الفصل 24 منه على أن تحمي الدولة الحق في الحياة الخاصة وحُرمة المسكن. كما ينص الفصل 21 على أن "المواطنين والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، وهُم سواء أمام القانون من غير تمييز".

"بعد ما يقارب عامين من اعتماد الدستور، من المؤسف أن السلطات لم تبذل أي جهد جدي لضمان توافق المجلة الجزائية مع الدستور الجديد" أفاد أنطونيو منقانلا رئيس بعثة محامون بلا حدود بتونس. كما أضاف "من واجب الحكومة إعادة النظر في كل القوانين الجزائية المخالفة للدستور كما هو الحال بالنسبة للفصل 230".

في 22 سبتمبر/أيلول، قضت محكمة في مدينة سوسة بسجن طالب يبلغ من العمر 22 سنة، يُسمى مروان، ، لمدة سنة بتهم تتعلق باللواط، بعد أن خضع لفحص شرجي أمرت به المحكمة. ولكن أفرج عنه في وقت لاحق بكفالة. ستُصدر محكمة الاستئناف حُكمها في القضية في 17 ديسمبر/كانون الأول.

في 28 سبتمبر/أيلول، بعد إدانة مروان، أصدر مجلس نقابة الأطباء في تونس، بيانا يندد باستخدام الفحوص الشرجية لتطبيق الفصل 230. وأعلن محمد صالح بن عيسى، وزير العدل آنذاك، أن الفصل 230 يتعارض مع الدستور، ولا يجب تطبيقه، بل يجب الغاؤه، ولكنه لم يُصدر أي توجيهات رسمية للنيابة العمومية في هذا الخصوص.

في 5 أكتوبر/تشرين الأول، قال الرئيس الباجي قائد السبسي على قناة "سي بي سي" المصرية إنه سيُعارض أي محاولة لإلغاء القانون.

قال رامي الصالحي، مدير الشبكة الأورو-متوسطية لحقوق الإنسان : "بدل الدفاع عن قوانين قمعية، مثل قانون تجريم المثلية الجنسية، على رئيس الجمهورية بذل جهود لإصلاح القوانين التي لا تحترم الحقوق المكفولة في دستور 2014".

وثقت هيومن رايتس ووتش حالات في العديد من الدول، أخضعت فيها الشرطة أو النيابة رجالا لفحوص شرجية في إطار جهودها "لإثبات" حصول ولوج للشرج. قالت هيومن رايتس ووتش إن هذه الفحوص المخزية تنتهك حقوق الأفراد في الكرامة والخصوصية والحُرمة الجسدية.

كما ترقى الفحوص الشرجية إلى مصافي المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة، وتنتهك "الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب"، و"اتفاقية مناهضة التعذيب"، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وجميعها صادقت عليها تونس. إضافة إلى ذلك، لا تكتسي هذه الفحوص قيمة تجعلها مناسبة للاستخدام كأدلة، ولا يجب اعتبار نتائجها ذات مصداقية في المحكمة.

في 2011، قال مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة:

من القضايا التي أبرزها خبراء الأمم المتحدة الممارسة "عديمة الجدوى من الناحيـة الطبية" المتمثلة في إخضاع الرجال المشتبه في سلوكهم المثلي جنسياً لفحوص شـرجية دون موافقتهم بهدف "إثبات" مثليتهم الجنسية. وقد أُدينت هذه الفحوص من قبل لجنة مناهضة التعذيب، والمقرر الخاص المعني بالتعذيب، والفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، الـذي رأى أن هذه الممارسة تخالف حظر التعذيب وسوء المعاملة.

تتعارض الفحوص الشرجية التي تأذن بها محاكم بهدف إثبات وجود نشاط جنسي مع أخلاقيات مهنة الطب، بحسب "الجمعية الطبية العالمية"، و"مبادئ الأمم المتحدة لآداب مهنة الطب المتصلة بدور الموظفين الصحيين، ولا سيما الأطباء، في حماية المحتجزين من المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة".

أقرأ المزيد