مقابلة مع سُهَير بَلحَسَنْ رئيسة "الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان"

01/05/2011
البيانات الصحفية

 كيف ساهَمَتْ النساء التونسيات في الثورة؟

طيلة شهر الاحتجاجات في تونس ، شاهدنا حضوراً كبيراً للنساء من مختلف مناحي الحياة . فالمُشارِكات لم يقتصِرْن فقط على اللواتي فقدن أبناءً ، أزواجاً أو أقرباء قُتِلوا أثناء الانتفاضة . لقد رأينا أن مشعل المُطالبات بالحرية والديموقراطية والمساواة قد انتقل من جيلنا إلى الجيل الذي تلانا . وهذا بالذات ما يبعث على الاطمئنان مثلما أنه مؤثر . فهذا الجيل لديه كمٌ هائل من الطاقة والإبداع . وقد أثبتهما في الشوارع كما من خلال الشبكات ومواقع التواصل الاجتماعية .
ينبغي أن نعترف كذلك بالدور الذي لعبته المرأة خلال سنوات عديدة في مقاومة الديكتاتورية والقمع . ومن البديهي أن المرأة ستلعب دورها كاملاً في تشييد تونس ديموقراطية .
هنالك أيضاً "الاستثناء التونسي"الذي استحثَّ هذه الثورة : فتونس كانت الأولى في العالم العربي بامتلاك دستور خلال القرن التاسع عشر ، وفيها نشأ أول اتحاد نقابي عمالي ، وأول تنظيم عربي وأفريقي لحقوق الإنسان وأول قانون للأحوال الشخصية لا يزال بلا نظيرٍ في العالم العربي ، يمنع الطلاق البائن وغير القضائي وتعدُد الزوجات ، وإجازة حبوب ووسائل منع الحمل والإجهاض ، إضافة إلى التعليم .

 مع الاعتراف بالاحزاب السياسية الاسلامية هل تعتقدين أن هنالك خطراً بإعادة النظر بقانون الاحوال الشخصية ؟
 لا ، فالحقوق المَحْمِيَّة بقانون الأحوال الشخصية الصادر عام 1956 ، مُثبتَّة . لا عودة إلى الوراء . الآن فإننا نحتاج إلى الذهاب أبعد من ذلك والوصول إلى المساواة القانونية التامَّة .
إن النساء يُكافِحْنَ للحفاظ على مجتمعٍ حديث في تونس . نريد لقانون الأحوال الشخصية أن يتطوَّر
نحو المساواة والتحرر للجنسين معاً . نريد أن يكون للمرأة حقوق متساوية في الإرث . واليوم ، وكما في ميدان التعليم تريد المرأة مشاركة متماثلة في الحياة السياسية . ولهذه الأسباب فإن النساء يقِفن في صدارة المشهد . فهُنَّ يعْلمْنَ أن مستقبل تونس يتعلَّق بكفاحِهِنَّ .

 كيف يمكن تعزيز حقوق النساء في تونس اليوم ؟
 أولاً وقبل كل شيء ، نريد أن نتأكد من أن الديموقراطية التونسية الجديدة التي نأمل انبثاقها عبر هذه الانتفاضة سوف تضمن الحقوق الكاملة للمرأة والمساواة بين الجنسين . يتوجَّب علينا البقاء يقِظين . يجب أن نتذكَر أن حماية حقوق الإنسان والديموقراطية تعني حماية حقوق المرأة . يجب أن نُعيد إلى الأذهان المبدأ الذي بموجبِه لا يمكن وجود ديموقراطية حقيقية دون مساواة بين الجنسين .
يجب أن نضمن أن يكون هنالك نساء في كل الهيئات السياسية الجديدة . يجب أن نطالب بالتكافؤ ، وعلى أقل تقدير ، بأنصبةٍ ( كوتا) للنساء بين المُنتَخَبين . فالأحزاب التي تصف نفسها بالديموقراطية لن يكون بوسعها أن تفعل أقل مما فعله "التجمع الدستوري الديموقراطي" السالف ، (حزب الرئيس السابق بن علي) ، الذي أرسى كوتا نسبتها 30 بالمئة على اللوائح الانتخابية .
ينبغي أن نُطالب كذلك بإصلاح التشريعات التي تتضمَّن تمييزاً ضد النساء ، بدءاً بأحكام التوريث .
كما يجب أن ندعم عمل ونضال الجمعيات النسائية ، مثل "الجمعية التونسية للنساء الديموقراطيات"(ATFD),
و"جمعية النساء التونسيات للبحث والتنمية" (AFTURD) ومجموعة مغرب مساواة 95 ، الشريكة للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان ، والتي قاومت أثناء الديكتاتورية ، وكانت تزاوِج دائماً بين الكلمات الثلاث : ديموقراطية ، وحرية ومساواة . إن هذه الحركات النسائية ناشطة للغاية في العمل لخلق تونس ديموقراطية .
وتقوم هذه الجمعيات حالياً بإعداد ملفٍ بالمطالب التي تكفل المساواة بين الجنسين ، وحماية حقوق النساء في تونس ديموقراطية .


 هل هنالك مخاطر باستبعاد المرأة من التحولات الجارية في تونس ومصر؟
 نعم هنالك تخوف حقيقي . إذ أن هنالك علامات تشغل البال فعلاً من تنحية المرأة جانباً في التحولات الجارية .
فمِن المُقلِق جداً أن لا يكون هناك أية امرأة في اللجنة الدستورية المصرية . وهذا غير مقبول .
يجب أن نتذكّر التاريخ . ففي الجزائر على سبيل المثال ، شاركت المرأة بقوة خلال خمسينات القرن الماضي في المعركة من أجل الاستقلال . ورغم ذلك جرى استبعادها إلى حدٍ كبير من الحياة السياسية والعامة . واليوم يظل قانون العائلة الجزائري تمييزياً ضد النساء ، ويُبقي على تعدد الزوجات ويعتبر الرجل رأس العائلة ألخ... لقد جرى نسيان المرأة في حقبة "ما بعد الثورة".
التحول السياسي أولاً ... حقوق النساء لاحقاً . يجب أن نتذكَّر أن لا شيء مضموناً ، بما يكفل عدم استبعاد النساء من إعادة البناء ، طالما لم تكن حقوق النساء مُعتبرَة "أولوية"سياسية . كما ينبغي ألاَّ ننسى أنه إذا كانت النساء قد احْتجَجْنَ وضحَّيْنَ بأنفسِهنَّ باسم هذه الثورات ، فلن يسمحْنَ بنسيان وتجاهل حقوقِهِنَّ خلال مرحلة التحوُل . 

إن الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان ستواصل العمل جنباً إلى جنب مع المنظمات العضوة والشريكة في تونس ، ومصر وفي جميع أنحاء المنطقة للحفاظ على ذاكرة مساهمة النساء في الثورات والانتفاضات وحتى يستطِعْنَ الحصول على حقوق متساوية . 






أقرأ المزيد