تونس: الالتزام الآن وبصفة لا لبس فيها بالسعي إلى إقامة دولة القانون

15/01/2013
البيانات الصحفية
ar fr

يصادف تاريخ 14 يناير 2013 الذكرى الثانية للثورة التونسية التي أدت إلى سقوط النظام الدكتاتوري الذي سلط على التونسيين والتونسيات لعشرات السنين.

إن من واجب السلطات والمسؤولين السياسيين التونسيين الذين يقودون عملية انتقالية سياسية منذ عامين الاستجابة للمطالب الداعية إلى "الحرية والكرامة والمساواة" التي رفعها بقوة التونسيون والتونسيات إبان الثورة وكلفت أرواح المئات منهم. تدعو كل من الشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان السلطات المختصة للإسراع في اتخاذ التدابير اللازمة والالتزام بصفة لا لبس فيها بالسعي إلى إقامة دولة القانون.

بعد عامين من بداية العملية الانتقالية ما زال هناك الكثير من العمل. ويتعلق الأمر بمسائل أساسية كالاعتراف بحقوق الإنسان في عالميتها والعمل على حمايتها إضافة إلى حماية وتعزيز المساواة ومكافحة كل أشكال التمييز وضمان استقلال القضاء ووسائل الإعلام ومكافحة الإفلات من العقاب. ما فتئت منظمتانا تندد إلى جانب المنظمات التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بالتجاوزات والانتهاكات داعية السلطات المختصة إلى احترم التزاماتها الدولية بدون أي قيد.

انطلقت الثورة التونسية من المناطق الأكثر حرمانا داخل البلد، وهي المناطق التي عانى سكانها طويلا من تجاهل السلطات العامة لها. إن المظاهرات والمشادات التي تضاعف عددها في الأشهر الأخيرة في تلك المناطق تدل على استمرار حالة التذمر لدى السكان وعن كثرة مطالبهم. وعليه، ينبغي اتخاذ تدابير على وجه السرعة وأن يوضع على رأس الأولويات إجراء مشاورات في جو هادئ وسلمي بما يكفل إقامة حوار بناء.

في ظل تضاعف الاعتداءات على حرية تكوين الجمعيات والتهديدات بل حتى الاعتداءات التي استهدفت النقابات والأحزاب السياسية في الأشهر الأخيرة تلح منظمتانا على أهمية فتح حوار هادئ وصريح وبناء بين مختلف الأطراف المعنية. وما يزيد من أهمية ذلك هو أن سنة 2013 ستشهد إجراء عمليات انتخابية سينبثق عنها نظام جديد. وعليه يتوجب على السلطات الانتقالية التونسية العمل على إجراء انتخابات حرة وديمقراطية، وعليها في هذا الصدد أن تضمن الاستقلال التام والكامل للهيئة التي ستتكفل بمهمة الإشراف على السير الحسن للعمليات الانتخابية.

الدستور

لقد أفضت عملية إرساء الديمقراطية وإقامة دولة القانون التي شرع فيها إلى تحقيق بعض التقدم كتنظيم انتخابات حرة وشفافة انبثقت عنها جمعية وطنية تأسيسية مكلفة بتحرير الدستور الجديد الذي سيكون بمثابة الحجر الأساس للجمهورية الثانية.

ولكي يستجيب الدستور الذي ستعده الجمعية الوطنية التأسيسية للتطلعات التي عبر عنها التونسيون والتونسيات إبان الثورة ينبغي أن يضمن المبادئ التي قامت على أساسها. غير أن المشوار ما زال طويلا، إذ يبدو أن النص الحالي للدستور لا يشير بصفة صريحة إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ولم يرد فيه اعتراف رسمي بسمو الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان. كما ينبغي أن يكون تكريس مبادئ المساواة وعدم التمييز على نحو كامل وتام أحد العناصر الرئيسية في الدستور التونسي الجديد.

المساواة بين الرجل والمرأة

لقد تألقت تونس منذ شروعها في العملية الانتقالية من خلال تدابير مميزة في مجال تعزيز المساواة بين الرجل والمرأة ولا سيما المساواة في القوائم الانتخابية والإعلان عن رفع التحفظات بشأن الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو). وعلى الرغم من أهميتها تظل هذه التدابير ناقصة. فرفع التحفظات بشأن اتفاقية السيداو يجب أن يترجم عبر مواءمة التشريعات الوطنية مع الاتفاقية ولا سيما الجانب المتعلق بالمساواة وعبر تدابير ملموسة وفعالة تهدف إلى محاربة جميع أشكال العنف ضد النساء سواء في نصوص القانون أوعلى أرض الواقع.

ومن جهة أخرى، ينبغي أن تتخذ تونس التدابير المناسبة لاحترام حقوق الأقليات ووضع حد لكل أشكال الوصم الاجتماعي والتمييز التي تتعرض لها كما يجب احترام حرية الضمير على نحو كامل.

حقوق المهاجرين

يجب ضمان تعزيز وحماية حقوق المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء. تعد تونس من بين دول المغرب العربي القليلة التي لم تصدق بعد على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم. ينبغي للحكومة التعهد بالتصديق على تلك الاتفاقية وإلغاء كل القوانين التي تجرم المهاجرين وأن تسعى إلى عدم إبرام أي اتفاقيات ثنائية للشراكة في مجال الهجرة إلى إذا أعطيت ضمانة مطلقة لاحترام حقوق المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء.

إن الاعتراف بمبدأ الحرية يعد من أهم إنجازات الثورة التونسية، أما التحدي اليوم فيتعلق بالضمان الكامل للحريات الفردية والجماعية في تونس سواء في النصوص أو على أرض الواقع.

القضاء

تضاعفت خلال السنة الأخيرة الدعاوى القضائية والإدانات بدافع المعاقبة على ممارسة الحريات الفردية ولا سيما حرية التعبير. وعليه، ينبغي على القضاء التونسي أن يحترم بصفة كاملة التزامات تونس الدولية في القضايا التي يبت فيها.

يجب أن يكون استقلال القضاء ووسائل الإعلام، وهي الوسائل الضامنة لعملية انتقالية ديمقراطية وممارسة الحقوق والحريات، في قلب التزامات الحكومة. وتكرر المنظمات الموقعة نداءها الداعي إلى إنشاء هيئة مستقلة لتنظيم السلطة القضائية وأن تمنح كل الإمكانيات والضمانات اللازمة لاستقلالها وأداء عملها بكل شفافية وذلك في أقرب الآجال وبدون أي شروط. كما تدعو المنظمات الموقعة السلطات إلى وضع حد لحملات التشهير التي تستهدف الصحافيين والمؤسسات الإعلامية وإلى وقف محاولات فرض السيطرة على وسائل الإعلام العامة والخاصة وإلى ضمان إنشاء هيئة عليا مستقلة تتمتع بكل الصلاحيات والإمكانيات التي تكفل لها إجراء الإصلاحات اللازمة في هذا القطاع.

التعذيب والعنف البوليسي

يتبين من خلال استمرار أعمال التعذيب والعنف البوليسي أن هناك ضرورة ملحة لإجراء إصلاحات جذرية في الجهاز الأمني. إن قمع التجمعات السلمية من قبل قوات الأمن وازدياد أعمال العنف التي ترتكبها مجموعات متطرفة بدوافع سياسية في معظمها في إطار مظاهرات في تونس يبعث على القلق الشديد. وتشكل هذه الأعمال التي تستهدف أحزاب معارضة إضافة إلى نقابات عمالية خطرا على التعددية السياسية التي تعد أحد أسس النظام الديمقراطي.

إن تغاضي السلطات عن تلك الأعمال يساهم في انتشار الشعور بالإفلات من العقاب لدى أولئك الذين يسعون إلى التعدي على الحريات الأساسية ولا سيما حريات تكوين الجمعيات والتعبير والتجمع السلمي في تونس. وتدعو منظمتانا السلطات التونسية إلى إجراء تحقيقات مستقلة وغير منحازة من أجل إلقاء الضوء على أعمال العنف المرتكبة وإحالة المسؤولين عنها إلى القضاء.

أقرأ المزيد