عنف السعودية في قمع المعارضين يهدد السلام والأمن على الصعيد الدولي

12/01/2016
البيانات الصحفية
ar en fa fr
AFP Nick Paleologos / SOOC

تستنكر الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان القمع المتصاعد للمحتجزين والمعارضين السياسيين السعوديين من جانب وزارة الداخلية، بإدارة الأمير محمد بن نايف، والتزايد المثير للانزعاج في عمليات الإعدام التي تتم في ذلك البلد منذ 2013.

ففي الثاني من يناير/كانون الثاني 2016 تم إعدام 47 رجلا، كان بعضهم من الأحداث في توقيت القبض عليهم، وقد اتهموا ضمن تهم أخرى بالارتباط بأعمال إرهابية منظمة فيما بين 2003 و2004، وهذا بعد محاكمات لم تحترم الحق في الدفاع، وقد ظهرت خلالها مزاعم عن التعرض للتعذيب. ولم تشهد السعودية سلسلة من عمليات الإعدام بهذه الضخامة منذ 1980. وكان 158 سجينا قد أعدموا في 2015، بزيادة قدرها 68% عن العام السابق.

ومن بين المحتجزين الذين تم إعدامهم في 2 يناير/كانون الثاني، كان رجل الدين الشيعي الشيخ نمر النمر من أبرز معارضي النظام السعودي، ومدافعا عن حقوق الأقلية الشيعية، وقائد التمرد الذي تشهده منطقة القطيف الشرقية منذ 2011.

بخلاف العقوبات اللاإنسانية المفروضة على أشخاص متهمين بالانتماء إلى ما يسمى بالدولة الإسلامية أو تنظيم القاعدة، فإن وزارة الداخلية السعودية تنسق قمعا لم يسبق له مثيل للمتظاهرين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين والأقلية الشيعية، وهذا تحت ستار مكافحة الإرهاب.

فمنذ بدأ "الربيع العربي"، قامت قوات الأمن التابعة للوزارة باعتقال عشرات من المثقفين والصحفيين والأكاديميين والمحامين والنشطاء المطالبين بإصلاح نظام العدالة الجنائية وإقرار ملكية دستورية، وكذلك المئات من المتظاهرين الشيعة الذين تحركوا ضد ما يعانون منه من تمييز.

والتهم الرئيسية الموجهة إلى هؤلاء المعارضين هي "الخروج على ولي الأمر" و"التحريض على الشغب" و"إهانة السلطات القضائية والدينية" و"محاولة قلب نظام الحكم" و"إنشاء منظمات بدون ترخيص"، مع إحالتهم على نحو ممنهج إلى "محكمة الجزاء المتخصصة"، وهي محكمة مخصصة "لمكافحة الإرهاب" أنشأتها الحكومة في 2008، فتميزت في واقع الأمر بإدانة العشرات من المدافعين عن حقوق الإنسان.

وقد تم استغلال تلك العملية لإعدام الشيخ النمر في الثاني من يناير/كانون الثاني، كما استغلت ضد العديد من النشطاء الشيعيين المنتمين إلى شرق السعودية، ممن شاركوا في تظاهرات. أكد المحتجزون تعرضهم للتعذيب دون أن تؤدي تلك المزاعم إلى أي تحقيق جنائي.

واستغلت أيضا عمليات مشابهة لإدانة المدون رائف بدوي، مؤسس الموقع الإلكتروني "الليبراليون السعوديون مجانا"، الفائز بجائزة سخاروف لسنة 2015، والحكم عليه بألف جلدة والسجن لمدة 10 سنوات في سبتمبر/أيلول 2014، وكذلك الحكم على محاميه وليد أبو الخير بالسجن لمدة 15 عاما في فبراير/شباط 2015، وإغلاق الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية في مارس/آذار 2013.

كما مارست وزارة الداخلية السعودية العنف في قمع الحملات المطالبة بحقوق المرأة، وبالأخص حملة "القيادة للنساء"، فكان المقابل هو الاعتقال والاحتجاز التعسفي والمنع من السفر خارج البلاد، مثل ما تعرضت له الناشطتان المعروفتان لجين الهذلول وسمر بدوي، شقيقة رائف بدوي وزوجة وليد أبو الخير.

وعلى الرغم من تلك الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات السعودية فإن إدانة المجتمع الدولي وممارسته للضغوط تتسم بخجل ملحوظ.

إن عواقب قمع المعارضين السياسيين في السعودية، وضروب العنف التي تمارس بحق الأقلية الشيعية، تكتسي خطورة خاصة بفعل تورط الحكومة السعودية المتزايد في النزاعات المسلحة والطائفية التي تلهب الشرق الأوسط، وبفعل الدعم غير المشروط الذي تمنحه الدول الغربية للنظام السعودي في إطار الحرب على الإرهاب، وهذا برغم الفظائع التي ارتكبتها القوات السعودية، ولا سيما في اليمن، والتي يمكن لبعضها أن تشكل جرائم حرب وغير ذلك من الخروقات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

إن تقديم الدعم في العالم العربي لأنظمة غير ديمقراطية، تحتقر القانون الدولي، لا يمكن بحال من الأحوال أن يخدم مكافحة الإرهاب، بل هو على العكس، يوفر الشروط اللازمة لتدهور أزمة إقليمية تتسم بعنف متعدد الأشكال، على خلفية من عدم الاحترام لحقوق الإنسان. فاحترام دولة القانون، ووصول السكان القانوني إلى الشؤون العامة، ودعم جمعيات المجتمع المدني، وإقرار مساحات عامة على قدم المساواة ودون إقصاء، هي وحدها في الشرق الأوسط التي ستتيح إرساء أسس راسخة ومستديمة للنضال الحقيقي ضد الإرهاب.

وبالنظر إلى الأهمية الاستراتيجية لدور السعودية الإقليمي فإن احترام حقوق الإنسان، والحقوق المدنية والسياسية في ذلك البلد، يشكل رهانا إقليميا ودوليا كبيرا.

وتعيد الفدرالية التذكير بمعارضتها الحازمة لعقوبة الإعدام، في الجرائم كافة وفي جميع الأحوال. كما تدعو السلطات السعودية إلى فرض حظر فوري على تنفيذ عقوبة الإعدام.

وتدعو الفدرالية الدول الغربية إلى ارتهان التوقيع على العقود بالتعهد باحترام الحريات الفردية والمدنية والسياسية، واحترام القانون الدولي، وتعليق العقود القائمة في حالة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من قبل السلطات السعودية. كما تدعو جميع الدول، من جهة أخرى، إلى وضع حد فوري لبيع السلاح والعتاد العسكري للسعودية، والالتزام بحظر مماثل لحين إجراء تحقيق دولي في سير العمليات العسكرية، وبالأخص الغارات الجوية التي يشنها التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.

وكذلك فإن المنظمات الحكومية المشتركة، والأمم المتحدة على وجه الخصوص، مسؤولة عن استنكار انتهاك الحقوق الذي يعرض السلم والأمن الدوليين للخطر.

أقرأ المزيد