العراق: استخدام أساليب شرسة ضد المتظاهرين والمدافعين عن حقوق الإنسان مع تزايد عدد القتلى والمعتقلين

12/11/2019
البيانات الصحفية
ar en

كثفت الحكومة العراقية من حملتها العنيفة ضد المتظاهرين السلميين، بمن فيهم المدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم من الناشطين، مع استمرار حملة الاعتقالات الجماعية والهجمات المميتة. وفي الوقت نفسه، تم إغلاق الإنترنت بشكل متكرر، وتلقى عدد من الصحفيين والمدونين تهديدات مباشرة تأمرهم بالامتناع عن تغطية المظاهرات السلمية، التي بدأت في 01 أكتوبر 2019. تدعو المنظمات الموقعة أدناه السلطات العراقية إلى وضع حد فوري للعنف و الأعمال الانتقامية ضد المتظاهرين، ودعم الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير.

في محاولة لتفريق اعتصامات سلمية في العاصمة بغداد والبصرة وغيرها من مدن وسط وجنوب العراق استخدمت القوات الأمنية الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية ضد المتظاهرين. بالإضافة إلى ذلك، قامت جماعات مسلحة مجهولة الهوية بقتل وخطف نشطاء المجتمع المدني.

لقد أكدت آخر التقارير الموثوقة الواردة من المنظمات الحقوقية في بغداد والبصرة، قيام السلطات منذ يوم 07 نوفمبر/تشرين الثاني وحتى الآن باستخدام قنابل الغاز وقنابل الصوت بكثافة للسيطرة على الحشود، تعقبها الاسلحة الخفيفة والمتوسطة من أجل استهداف المعتصمين، وبضمنهم طلاب المدارس والجامعات وغيرهم من المواطنين العزل والذين يحملون العلم العراقي فقط. في البصرة، استخدمت السلطات بنادق الصيد لإطلاق كريات حديدية ضد المتظاهرين. كما أحرقت السلطات خيام المتظاهرين واستهدفت الفرق الطبية في مدن مختلفة. لقد أدت هذه الأعمال العنيفة إلى مقتل أو إصابة أعداد كبيرة من المتظاهرين في جميع أنحاء البلاد.

في 06 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 وبساعة متأخرة من الليل تم اغتيال الكاتب والناشط المدني البارز أمجد الدهامات (الصورة على اليمين) من قبل مجموعة مسلحة مجهولة الهوية تقود سيارة سوداء بدون أرقام وبأستخدام أسلحة كاتمة للصوت وعلى بعد 500 متراً من بناية قيادة الشرطة بمدينة العمارة، وذلك بعد عودته من إجتماعٍ مع قائد الشرطة بالاشتراك مع عددٍ من الناشطين.

لقد ذكرت التقارير ان ناشط المجتمع المدني بسام مهدي الذي كان برفقته قد اصيب بجروح بليغة من جراء الهجوم المسلح.

لقد قام الدهامات، الذي يعتبر من أهم قادة التظاهرات الشعبية في محافظة ميسان، بتدريب الآلاف من الشباب في منطقته على كيفية العمل المدني التطوعي وساهم بفعالية في كافة الاحتجاجات التي حصلت في المحافظة. في واحدة من مقالاته المنشورة مؤخراً ذكر مايلي، "يبقى الموضوع بيد الشباب أنفسهم، نعم لن يعطيكم أحد شيئاً بل يجب ان تأخذوه بأنفسكم، والبداية من شعاراتكم: «نريد وطن» و «نازل أخذ حقي»."

بتاريخ 06 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 ليلاً ُقتل الطبيب عباس علي، برصاصة أطلقها أحد افراد قوة مكافحة الشغب لتخترق صدره وذلك قرب جسر الشهداء ببغداد، أثناء محاولته الوصول لجرحى إحدى المظاهرات التي جرت في هذه المنطقة من أجل إسعافهم. لقد جرى نقله إلى المستشفى من قبل أصحاب العربات الصغيرة "التك تك"، لكنه فارق الحياة بالطريق. لقد انتشر فيديو يبين رفع زملائه لصدريته الطبية البيضاء الملطخة وتقديم احترامهم لتفانيه في عمله.

في 07 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 مساءً قامت قوة أمنية ترتدي الملاس المدنية بإختطاف الصحفي وناشط المجتمع المدني علي هاشم واقتادته إلى جهة مجهولة. لقد شارك هاشم بفعالية في تظاهرات ساحة التحرير ببغداد ونشر عدة صور على حسابه في الفيسبوك تؤكدد مشاركته في التظتهرات السلمية. لقد سبق له إن شارك في الاحتجاجات السابقة وتعرض للاعتقال والتعذيب بعد مشاركته في تظاهرات سنة 2015.

بتاريخ 07 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 تم إلقاء القبض على ناشط المجتمع المدني حسين الكعبي وذلك في ساحة الأعتصام بقضاء الرفاعي بمحافظة ذي قار وذلك من قبل القوات الأمنية بسبب مشاركته في الإحتجاجات وقيادته لبعضها ودعوته للمواطنين للمشاركة فيها.

بتاريخ 02 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 تعرضت الناشطة المدنية والمُسعفة صبا المهداوي (الصورة على اليسار)، لعملية اختطاف نفذها مسلحون مجهولون في العاصمة العراقية بغداد، بعدما كانت في طريقها من المنزل عائدة من ساحة التحرير. أكدت التقارير الموثوقة اختطافها قبل وصولها منزلها حيث انقطع الإتصال بها بعد الساعة الحادية عشر والربع مساءً. لقد تطوعت المهداوي، التي تعمل لدى شركة في القطاع الخاص، للعمل كمسعفة في ساحة التحرير لتقديم المساعدة للجرحى والمصابين من المتظاهرين.

قبل شهرٍ من الآن، وفي 07 كتوبر/تشرين الأول 2019 وفي تمام الساعة السابعة والربع مساءً تم اختطاف الناشط المدني والطبيب ميثم محمد الحلو عند خروجه من عيادته بمنطقة الشرطة الرابعة، غربي العاصمة العراقية بغداد، وذلك من قبل مجموعة مسلحة مجهولة الهوية تستقل سيارة دفع رباعي وبنوافذ مظللة حيث قامت بإختطافه وإقتياده إلى جهة مجهولة. ولم يتم إطلاق سراحه إلا بتاريخ 24 أكتوبر/تشرين الاول 2019.

 كذلك، في 07 كتوبر/تشرين الأول 2019 أُختطف محامي حقوق الإنسان علي جاسب حطاب بمدينة العمارة في محافظة ميسان، جنوبي العراق، وذلك من قبل مجموعة مسلحة غير معروفة حيث قامت بمحاصرة سيارته الخاصة وأنزلته منها بالقوة وإقتادته إلى جهة مجهولة.

أفادت تقارير موثوق بها بأن العديد من نشطاء المجتمع المدني الآخرين في بغداد وبقية المدن التي تحدث فيها الاحتجاجات قد اختطفتهم جماعات مسلحة مجهولة. بالإضافة إلى ذلك، أكد عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين الذين تم إطلاق سراحهم أنهم تعرضوا للتعذيب والضرب المبرح وأجبروا على توقيع تعهدات بعدم المشاركة في المظاهرات السلمية.

نحن الموقعون أدناه نحتج بشدة على الإجراءات التعسفية التي اتخذتها السلطات العراقية لاستدعاء بعض المتظاهرين بموجب قانون مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى التهديدات الموجهة لطرد موظفي الدولة من وظائفهم أو فصل الطلاب بسبب مشاركتهم في المظاهرات.

تشير الإجصائيات الأولية إلى مقتل نحو 300 متظاهراً، وإصابة 14 ألف آخرين، منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول عندما بدأت الاحتجاجات الشعبية ولغاية الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري وذلك فقط بسبب استخدام القوات الأمنية، قوة مكافحة الشغب، والمجموعات المسلحة القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين.

أفادت مصادر محلية موثوقة أنه في بعض الحالات، رفضت إدارات الطب الشرعي في مناطق مختلفة، بما في ذلك كربلاء، تسليم جثث المتظاهرين ما لم توقع أسرهم على إعلان بأن الحكومة ليست مسؤولة عن القتل. أن الأسر التي لم توقع، لم تستلم بعد جثث أحبائها.

قامت السلطات في الايام الاسبوع الماضي بغلق الإنترنت بشكل كاملٍ وذلك بتاريخ 05 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 ظهراً وقامت بإعادته بتاريخ 07 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 ولمدة ساعة واحدة فقط . لقد تكرر القطع لفترات طويلة طيلة الأيام الماضية في مسعى لمنع الصحفيين والمنظمات الحقوقية من تداول الأخبار المتعلقة بالإنتهاكات الجسيمة التي ترتكبها السلطات ضد المدنيين المعتصمين في مختلف مناطق البلاد. وكذلك يمنع القطع المتظاهين من التواصل فيما بينهم و تنظيم احتجاجاتهم وتحركاتهم السلمية مع أستمرار الحجب على شبكات التواصل الإجتماعي منذ 45 يوماً ولحد الآن.

لقد تأثرت وسائط البث أيضاً. بالإضافة إلى ذلك، فإن الإعلام المرئي فد تعرض للهجوم. بتاريخ 05 أكتوبر/تشرين الأول 2019، فقد اقتحمت جماعات مسلحة القنوات التلفزيونية، العربية الحدث، دجلة، و ان آر تي العربية.

أكدت المصادر المحلية أن قوات الأمن استخدمت ضد المتاهرين، قنابل الغاز المسيل للدموع منتهية الصلاحية والقنبل الدخانية الثقيلة التي لا تستخدم عادة للسيطرة على الحشود، بالإضافة إلى إطلاقها لهذه القنابل بشكلٍ مباشر ومتعمد على رؤوس المتظاهرين، مما يؤدي إلى تشويههم أو قتلهم على الفور. بناءً على شهادات من الميدان، تحتوي بعض القنابل على غازات غير عادية تجعل المحتجين غير قادرين على التنفس ويفقدون الوعي، وبحاجة إلى علاج طبي مكثف.

تعبر المنظمات الموقعة أدناه عن إدانتها الشديدة لقيام السلطات العراقية باستخدام القوة المفرطة جداً وبضمنها الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع المنتهية الصلاحية أو تلك التي تحوي غازات سامة ضد المواطنين السلميين وتطالبها بإيقاف كل أشكال العنف فوراً وحماية المتظاهرين السلميين في مختلف أرجاء البلاد وبشكل شفاف وكامل و يتسم بالجدية. أن على السلطات مواجهة إلتزامتها الدولية في حماية حق الحياة لمواطنيها.

تدين المنظمات الموقعة أدناه بشدة الاستخدام المفرط للقوة من قبل السلطات العراقية، بما في ذلك الرصاص الحي أو القنابل المسيلة للدموع أو القنابل الدخانية التي انتهت صلاحيتها ضد الأشخاص السلميين، وتطالبها بوقف جميع أشكال العنف فوراً وحماية المتظاهرين السلميين في جميع أنحاء البلاد بطريقة شفافة وجدية. يجب على السلطات العراقية أن تفي بإلتزاماتها الدولية المتعلقة بحماية حق مواطنيها في الحياة، من بين حقوق الإنسان الأخرى، بما في ذلك عن طريق تنفيذ توصيات الاستعراض الدوري الشامل للعراق، والتي جرت في الأمم المتحدة بتاريخ 11 نوفمبر/تشرين الثاني .2019

تدعو المنظمات الموقعة أدناه الحكومة العراقية للقيام بمايلي على الفور وبدون اية شروط:
1. الإيفاء بإلتزامتها الدولية في مجال حقوق الإنسان وخاصة احترام الحقوق المدنية والإنسانية لجميع المواطنين في العراق وبضمنها حماية حقهم في التظاهر السلمي في أنحاء البلاد؛
2. إجراء تحقيقات مستقلة ونزيهه وشاملة وعلى الفور في حوادث قتل المتظاهرين، بهدف نشر النتائج وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة وفقاً للمعايير الدولية؛
3. إطلاق سراح جميع المعتقلين من المتظاهرين السلميين فوراً وبدون قيد أوشرط، وبضمنهم أولئك الذين تم خطفهم من قبل الجماعات المسلحة؛
4. احترام وحماية حق جميع مواطني العراق في الوصول إلى الإنترنت والمعلومات التي يجب أن تعتبرها السلطات أهم حقوق الإنسان الأساسية؛ و
5. ضمان أن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان في العراق والذين يقومون بعملهم المشروع في الدفاع عن حقوق الإنسان، قادرون على العمل بدون مواجهة للقيود بما في ذلك المضايقة القضائية.

أقرأ المزيد