التعذيب في البحرين ـ يعمل الحكم الذي أصدرته المحكمة العليا بلندن اليوم على إبراز إخفاق العدالة الفرنسية في التحقيق في مزاعم التعذيب بحق الأمير ناصر

باريس وبرلين، 7 أكتوبر/تشرين الأول 2014 ـ حصلت الملاحقات القانونية الجارية بحق نجل ملك البحرين، الأمير ناصر بن حمد آل خليفة، لمزاعم بالتعذيب، على دفعة قوية من بريطانيا عبر إسقاط الحصانة. وتوجه الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، ورابطة حقوق الإنسان، والمركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان التحية لهذه الدفعة الكبرى، كما تدين بأشد العبارات رفض السلطات الفرنسية لقبول شكوى مماثلة تم التقدم بها في فرنسا يوم 22 أغسطس/آب الماضي.

وقد أعلنت المنظمات الثلاث أن "على السلطات الفرنسية الاقتداء بالقرار الذي أصدرته محكمة العدل العليا في لندن، ورفع الحصانة عن الأمير ناصر، فلا يجب على فرنسا التستر خلف الذرائع الدبلوماسية، ولا بد من إجراء تحقيقات مدققة وتفصيلية في بريطانيا كما في أي بلد آخر يتواجد فيه الأمير في المستقبل".

في 22 أغسطس/آب الماضي قامت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان ورابطة حقوق الإنسان، بعد علمهما بوجود السيد آل خليفة في فرنسا للمشاركة في بطولة العالم للفروسية في نورماندي بصفته عضواً في فريق البحرين، بتقديم شكوى من جريمة التعذيب إلى النيابة المختصة بالجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب في محكمة باريس العليا.

وتعمل تلك الشكوى، المستندة إلى معلومات ظرفية واردة من مصادر ضعيفة، على مساءلة الأمير ناصر بن حمد آل خليفة على ارتكابه بصفته الشخصية لأعمال تعذيب بحق معارضين بحرينيين في 2011، في إطار الحملة القمعية على حركة المعارضة الشعبية التي سميت بـ"ربيع اللؤلؤة" في البحرين.

وكان تحقيق مبدئي لنيابة باريس العامة قد أكد وجود الأمير ناصر بن حمد آل خليفة على التراب الفرنسي، مما يمنح العدالة الفرنسية اختصاص التحقيق في المسألة. وفي 29 أغسطس/آب تم حفظ التحقيق بغتة في أعقاب فتوى من إدارة البروتوكول بوزارة الخارجية الفرنسية تمنح الأمير ناصر الحصانة.

إلا أن هذه الفتوى تستند من جهة إلى عرف دولي لم تصادق عليه فرنسا، ومع ذلك فقد تم تقديمه على نحو مفاجئ وغير مسبوق وكأنه جزء من القانون الدولي العرفي. ومن جهة أخرى فإنه يناقض رسالة بعثت بها وزارة الخارجية نفسها في الوقت نفسه إلى الفدرالية الدولية، وتشهد بأن الأمير موجود في فرنسا في زيارة شخصية ومن ثم فإنه لا يتمتع بأية حصانة.

وكما أعلنت المنظمات الثلاث فإن "هذا القرار سياسي محض ولا يشرّف فرنسا، التي لا يمكنها مواصلة التستر خلف قواعد الحصانة المزعومة للتهرب من تحمل التزاماتها بموجب القانون الدولي، والتي تقضي بملاحقة المشتبه في ارتكابهم للتعذيب الموجودين على الأراضي الفرنسية، ومحاكمتهم، أو تسليمهم إذا أخفقت في هذا".

وكانت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان ورابطة حقوق الإنسان قد أحالتا إلى النائب العام طعناً تم تقديمه إلى النيابة العامة لمحكمة استئناف باريس.

وفي الوقت عينه، في بريطانيا، قررت المحكمة العليا بلندن، التي نظرت بموجب اجراء الاستئناف المسمى "المراجعة القضائية" في دعوى رفعها مواطن بحريني تعرض للتعذيب بالاشتراك مع المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، قررت أن الأمير ناصر بن حمد آل خليفة لا يمكنه التمتع بالحصانة. ويأتي هذا القرار في أعقاب شكوى تم تقديمها إلى النيابة البريطانية في يوليو/تموز 2012، وكانت النيابة في ذلك الوقت قد رأت أن الأمير يتمتع بالحصانة. وقد انضم المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان إلى الدعوى القضائية في بريطانيا بصفته "طرفاً مهتماً"، ويعمل هذا القرار على تمهيد الطريق للملاحقات القضائية في بريطانيا.

أقرأ المزيد