خطاب إلى الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية

05/07/2011
البيانات الصحفية
ar en

معالي الأستاذ الدكتور/ نبيل العربي
الأمين العام لجامعة الدول العربية

تحية طيبة وبعد ،،،

نحن نتشرف بتقديم خالص التهاني لحصولكم على منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية بجدارة نظراً لتاريخكم المهني وخبراتكم الوافية في مجال القانون الدولي.

في خلال أسابيع، تحرر كلاً من الشعب التونسي والمصري من أنظمتهم الاستبدادية التي كانت تقمعهم على مدى فترات طويلة. فمنذ البداية، قاد الشباب هذه الثورات وفيما بعد أنضم إليهم حشد كبير من الرجال والنساء من جميع الأجيال حيث قرروا أن الخوف لم يعد يجبرهم على المزيد من المعاناة.

وقد يجوز أن أنظمة الرئيسان السابقان بن على ومبارك الاستبدادية قد كانت تحرص على البقاء بالتواطؤ والرضوخ من المجتمع الدولي لتلك الدكتاتورية. وعلى الرغم من القمع الوحشي، فالمواطنون المصريون والتونسيون أظهروا يوماً بعد يوم تطلعاتهم للكرامة والمساواة والعدالة الاجتماعية مما أدى إلى إعادة النظر في سياسات الغرب لهذين البلدين.

وفي بلاد أخرى، يتعرض الناس إلى عقوبات مضاعفة في مواجهة القمع العنيف من السلطات. وعلى الصعيد الأخر،التشاؤم واللامبالاة من الآخرين. وهكذا تتم الجرائم خلف الأبواب المغلقة.

إن الصمت هو شريك في الاستبدادية والهمجية.

وفي البحرين في يوم 22 يونيو 2011 ، صدرت أحكام على 21 من أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان بالبحرين والمعارضين السياسيين وذلك لتعبيرهم عن أرائهم ومطالبتهم بحقوقهم الإنسانية الأساسية . المحكمة العسكرية أصدرت أحكام على 8 منهم بالسجن المؤبد وعلى 13 آخرين بالسجن لمدد تراوحت بين 3 إلى 5 سنوات، علماً بأن التهم المسندة إلى هؤلاء الناشطين تبدو وأنها محاولة لمعاقبتهم على أنشطتهم السياسية.

الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان تعرب عن قلقها العميق بشأن عمليات التعذيب والعديد من ضروب المعاملة القاسية الحاطة من الكرامة الذي يتعرض له المعتقلين والمحتجزين. وقد وثقت منظمات لدينا قضية عبد الهادي الخواجة ، المدير السابق لمركز البحرين لحقوق الإنسان ، الذي تعرض لضرب مبرح خضع على أثره لعملية جراحية لعلاج إصاباته. ولم تقتصر أعمال التعذيب وسوء المعاملة على مراكز الاحتجاز فقط، بل امتدت لتصل إلى المستشفيات أيضاً. الحكومة البحرينية لم تكتفي بالملاحقات والتعذيب، بل امتدت أيديها الغاشمة إلى موظفي الدواوين والمصالح الحكومية، إذ تم طرد 383 موظف حكومي بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات.

وترحب الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان بإعلان الحكومة البحرينية عن بدء التحقيقات في أحداث الاحتجاجات، و تشدد الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان على أن تكون تلك التحقيقات شاملة ومستقلة ونزيهة من أجل ضمان إتمام محاسبة المسئولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبت في ظل الاحتجاجات وعدم إفلاتهم من العقاب.

وتحث الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان على أن تشجع جامعة الدول العربية الحكومة البحرينية على وضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان والتمسك بمعايير حقوق الإنسان الدولية علماً بأن تلك لانتهاكات تؤثر سلبياً على السلام والأمن بالمنطقة. ونحن واثقون أن جامعة الدول العربية سوف ترسل تلك الرسالة إلى الحكومة البحرينية علماً بأن تلك التوصيات بمثابة شرط مسبق لأي حوار وطني مستديم بين المجتمع المدني والسلطات البحرينية.

أما في اليمن، فقد أدى قمع الاحتجاجات التي تطالب برحيل الرئيس على عبد الله صالح إلى أكثر من 200 قتيل منذ أواخر يناير(كانون الثاني). الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان تعرب عن قلقها الشديد على مستوى العنف في اليمن و تحث جامعة الدول العربية على تيسير الانتقال السلمي والديمقراطي للسلطة.

وفي سوريا، يصيب القمع الشرس الوحشي المزيد من الناس يوماً بعد يوم، مما أدى إلى أكثر من 1400 قتيل بالإضافة إلى حملات التفتيش والاعتقال الجماعي. فقد تم عزل أحياء كاملة بدون كهرباء وماء ووسائل الاتصال. فبعد مرور ثلاثة أشهر من المظاهرات التي قمعت بعنف مفرط في عدة مدن (درعا، بانياس وحمص وحماه) من قبل الدبابات وأجهزة المخابرات، مما أدى إلى وضع المتظاهرون،خاصةَ الشباب منهم، فى عزلة تامة معتمدين على شجاعتهم فقط.

وتتذكر الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان ما وعد بيه الرئيس السوري بشار الأسد من إجراء الإصلاحات وتعبرالفدرالية الدولية لحقوق الإنسان عن انزعاجها من عدم تنفيذ هذه الاصلاحات الديمقراطية والاستخدام المتزايد للعنف ضد المدنيين. وقد أدى الوضع إلى هروب السكان النازحين من منازلهم ولجوئهم لتركيا ولبنان. ونحن نشجع جامعة الدول العربية على حث الحكومة السورية أن توقف فورا هذه الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، والتعاون الكامل مع بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق حول انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا.

وبرغم تخلص تونس و مصر من حكامهم الاستبداديين الذين كانوا يقمعون شعوبهم على مدى فترات طويلة.، لا تزال هناك مخاوف مقلقة حول الوضع في تلك البلدين.

في مصر، شهدت أحداث 28 يونيو2011 العنف الشديد من قبل قوات الأمن ضد المتظاهرين الذين كانوا سلمين في البداية. الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان تعرب عن قلقها العميق عن عدم وجود تغيير في موقف قوات الأمن من استخدام العنف والتعذيب. مصر تدخل الأن مرحلة جديدة وتحتاج إلى فرض خطوات جادة لمكافحة التعذيب والتمسك الصارم بمعايير حقوق الإنسان.

و تونس أيضاً تواجه مشاكل مماثلة. فقمع الاحتجاجات بعد رحيل الرئيس السابق زين العابدين بن علي يثير مخاوفنا، وكذلك الإختلال الوظيفي الشديد في قوات الشرطة والسلطة القضائية.

الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان قد رحبت في البداية بالجهود التي يبذلها القضاء المصري والتونسي لمحاكمة المسؤولين عن قتل المتظاهرين أثناء الثورات في البلدين، ولكن الآن نحن قلقون من استمرار تأجيل القضايا و القارير التى تفيد بأن بعض ضباط الأمن وشخصيات من النظام السابق المزعوم انهم مسؤولين على انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان لم يتم محاكمتهم حتى الأن. فنحن نحث جامعة الدول العربية على دعم جهود القضاء في مكافحة إفلات المسؤولين من العقاب.

السيد الأمين العام لجامعة الدول العربية، كنت قاضيا في محكمة العدل الدولية وحاربت ضد الظلم، وقد شاركت في نهضة مصر، وبناءً على ذلك، نحن نوجه لك نداءًا عاجلا ًبخصوص الوضع الحالي في البحرين واليمن وسوريا ومصر وتونس ونطالب بإحالة الأوضاع الراهنة في تلك البلاد إلى جدول أعمال الاجتماعات الوزارية لجامعة الدول العربية، فإننا نناشد الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية بالموافقة على برنامج مشترك لوضع نهاية للعنف من قبل القوات المسلحة ضد المدنيين السلميين. ونحن نحث الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية على دعم مكافحة إفلات المسؤولين من العقاب وعدم تكرار الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان.

ونحن ندعو إلى إدانة مشتركة يوقع عليها جميع الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية لوقف القمع الدموي والاعتقالات الجماعية والتعذيب المروع الذي يمارس داخل السجون المليئة بالمواطنين البحرينيين والسوريين واليمنيين.

إن الدفاع عن حقوق الإنسان مبدأ لا يتجزأ. وبرغم بعض التحاليل الجيواستراتيجية التي تدعو إلى بقاء الوضع الراهن، فإنه من المستحيل أن نتجاهل الأمر لأن الدفاع عن حقوق الإنسان واجب عالمي ويتطلب منا أن نسعى ضد إفلات المذنبين من العقاب والتضامن الفعال لحماية الفئات الأكثر تعرضاً لهذه الانتهاكات، وجميع الذين يحاربون من أجل العدالة الاجتماعية، وإنهاء الاستبداد والفساد.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام ،،،

سهير بالحسن

رئيسة الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان

أقرأ المزيد