(باريس، 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2014) – في عشية اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، تندد الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان باستمرار تواجد التشريعات القمعية التي تجرّم الإجهاض في جميع القارات مما يؤدي لانتهاكات جسيمة لحقوق المرأة.
في نيكاراغوا والسلفادور وتشيلي وجمهورية الدومينيكان، يتم تجريم إنهاء الحمل الاختياري بلا استثناءات. وفي أيرلندا والسنغال وساحل العاج وبنغلادش، فإن القوانين التقييدية للغاية لا تسمح بالإجهاض إلا في حالة وجود خطر على حياة الأم. الإجهاض غير قانوني أيضاً في مالطة، إلا في حالات الاغتصاب ووجود عيوب خلقية في الأجنة، وهو محظور في بولندا منذ عام 1997، ولا يُسمح به إلا في حالات الاغتصاب وزنا المحارم، وتشوهات الأجنة، ووجود أخطار كبيرة تهدد حياة المرأة. وفي إسبانياأفلت الإجهاض الاختياري مؤخراً من إصلاحات قانونية مشابهة، بفضل الحشد الكبير من قبل المدافعات عن حقوق المرأة. وفي العديد من الدول الأخرى، مثل المغرب، لا يُصرّح بالإجهاض إلا "لحماية" صحة المرأة. كما أن جميع التشريعات المشابهة تنطوي على قيود إجرائية تمنع النساء عملاً من اللجوء للإجهاض، حتى في الحالات التي ينص القانون فيها على إمكانية الإجهاض.
وقال كريم لاهيجي، رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان: "هذه القوانين عنيفة، بل حتى مميتة. بالإضافة إلى السيطرة على جسد المرأة، فهي تدفع بها إلى عمليات إجهاض سرّية، بما تنطوي عليه من مخاطر جمة على صحتها وحياتها. وبالنسبة للفتيات، فإن إجبارهن على إتمام الحمل والوضع يمثل كارثة على مستقبلهن وعلى أجسادهن".
إلى جانب تقويض حقوق النساء في الصحة والحياة، ومن واقع تحديد أو قصر حقهن في التصرف في أجسادهن، فإن أغلب تلك الدول قد فرضت اختيار تطبيق عقوبات جنائية على النساء اللائي يستخدمن خدمات الإجهاض وعلى المشتغلين بالرعاية الصحية الذين يوفرون الخدمة. ومن ثم تشقى النساء والأطباء وراء القضبان في جميع القارات جراء أعمال الإجهاض السرّية. يؤدي الإجهاض في السنغال إلى أحكام بالسجن بحد أقصى عامين، وبموجب الإحصاءات الرسمية، فقد تم وضع 40 سيدة في الحبس على ذمة المحاكمة بتهمة الإجهاض، أثناء الشهور الستة الأولى من عام 2013. وفي نيكاراغوا، فإن ممارسة الإجهاض يُعاقب عليها بالسجن بحق أقصى 8 سنوات. وتخاطر السيدات بالسجن 14 عاماً في حال القيام بالإجهاض في أيرلندا. وفي السلفادور تُدان السيدات اللاتي يستخدمن خدمات الإجهاض وأحياناً بعد الإجهاض غير الاختياري، بتهمة القتل و فقد يقضين عقوبات تصل إلى عشرات السنوات.
وقالت خديجة شريف، منسقة مجموعة عمل حقوق المرأة في الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان: "إن العقوبات الجنائية المفروضة في حالات الإجهاض تسلط الضوء على تحويل هؤلاء النساء إلى ضحايا، اللاتي يجدن أنفسهن في مواقف غير محتملة. هذه القوانين الخالية من المنطق يجب أن تُلغى فوراً، بموجب متطلبات الأمم المتحدة".
كما تعرب الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان عن قلقها إزاء زيادة عدد الولايات في أمريكا التي تبنت قوانين تعيق الوصول الأمن والقانوني للإجهاض. كما تعرب الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان عن عميق قلقها إزاء استمرار سياسة مساعدات النمو الأمريكية التي تشجع على حظر الإجهاض. في واقع الأمر فإن تعديلات "هيلمز" التي طرأت على قانون المساعدات الأجنبية تحظر أي تمويل للإجهاض كوسيلة لتخطيط الأسرة. ومن حيث الممارسة يُفسّر هذا النص بصفته حظر مطلق على استخدام تلك الأموال في أي نوع من أنواع الإجهاض.
نفذت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني بعثة تقصي حقائق إلى السنغال للبحث في الحقوق الجنسية والإنجابية. سوف يتم نشر النتائج مع انعقاد القمة الفرانكفونية الخامسة عشرة في داكار يوم 29 نوفمبر.
يوم 25 نوفمبر هو بداية 16 يوم من المناصرة لمناهضة العنف ضد المرأة. ستشارك الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان يوم 10 ديسمبر وهو موافق اليوم العالمي لحقوق الإنسان من خلال ندوة أقليمية في تونس حول الممارسات الجيدة لمناهضة العنف ضد المرأة. يندرج هذا النشاط في سياق نقاش السلطات التونسية لتبني قانون شامل لمناهضة العنف ضد المرأة وهو يتعبر الأول من نوعه في المنطقة العربية.