اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في ظل التحولات السياسية في المنطقة العربية

19/03/2014
البيانات الصحفية
ar fr

إن تاريخ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" في البلدان العربية هو تاريخ التعبئة والتعبئة المضادة والشيطنة. وفي هذا الصدد، يسجل التاريخ نضالات وتضحيات النساء والديمقراطيين في المنطقة من أجل التقدم وضد التردي في مجموع المجتمعات العربية. إذا كيف يمكن تصور تقدم المجتمع بدون هؤلاء النساء اللواتي تعرف عليهن العالم خلال السنوات الأخيرة من خلال الثورات والانتفاضات الشعبية: نساء من جميع الأعمار ومن جميع الطبقات الاجتماعية مستعدات لتحدي المخاطر وعازمات على التأثير على مجرى التاريخ.

يعكس هذا التاريخ، والتطورات الأخيرة التي تلت الثورات والانتفاضات في المنطقة، الصعوبات المرافقة للفترات الانتقالية، وبدرجات متفاوتة، التي تمرّ بها هذه البلدان من أجل بناء مشروع سياسي ديمقراطي يطوي صفحة الأنظمة الديكتاتورية والأيديولوجيات الشمولية. في الواقع، إذا كان تشويه اتفاقية "سيداو" وشيطنتها تشكّل توجها ثابتا في البلدان العربية، فإن الجدل حول هذه الاتفاقية تصاعد مع بداية فترات الانتقال السياسي في العديد من بلدان المنطقة، بما في ذلك البلدان التي لم تشهد أية ثورة.

في الوقت الذي تشق فيه المبادئ والمعايير الكونية المتعلقة بالديمقراطية والمواطَنة وبمكانة الدين في الحياة السياسية طريقها في المناقشات السياسية والاجتماعية في العديد من البلدان العربية، كشف الموقف من اتفاقية سيداو طبيعة المشروع السياسي الشمولي المتّسم بالعنف والماضوية للتيارات السياسية المحافظة. وخلافاً لجميع المعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، جسد الموقف من "سيداو" التجاذبات والمعاداة لحقوق النساء، وهو ما أدى خلال السنوات الأخيرة إلى المطالبة بانسحاب البلدان العربية من الالتزامات الناجمة عن التصديق على هذه المعاهدة. ونظرا لعدم جرأة التيارات المحافظة على المواجهة المباشرة للقيم الكونية مثل الديمقراطية وحقوق الانسان وسواها، فإنها تتذرع "بالخصوصية الثقافية" للتضييق على حقوق النساء في المجالين الخاص والعام. إن العنف غير المسبوق الذي تذهب ضحيته النساء في كل من مصر وليبيا وسوريا على سبيل المثال لا يكشف سوى عن جزء من المشاريع التي تنادي بها هذه التيارات.

خلال السنوات الثلاث الماضية، وبفضل نضال النساء ومنظمات المجتمع المدني من أجل إرساء المواطَنة الحقيقية، تم إحراز تقدم لا سيما في الدساتير الجديدة لبعض البلدان وذلك من خلال الإقرار بالمساواة بين الرجال والنساء في جميع المجالات، ورفع بعض التحفظات بما فيها التحفظ على المادة 16، المادة الأكثر تعرضا للشيطنة، كما هو الحال في المغرب. لكن التعبئة والتعبئة المضادة التي ميّزت الإنتقال السياسي في معظم البلدان العربية تدفع إلى إعادة النظر في غايات ما يسمّى بالربيع العربي وفي الأسباب التي دفعت ملايين النساء والرجال الى النزول الى الشارع.

إن مشروع المعارضين لحقوق النساء ول"سيداو"، مع ما يحمل في طيّاته من قهر وتمييز وعنف تجاه نصف المجتمعات العربية لا يمكن أن يتماشى مع التطلعات إلى الديمقراطية والحرية والتساوي في الكرامة بين المواطنين والمواطنات. إن الاعتقاد بأن التغيير يمكن أن يحدث دون مشاركة النساء، لا سيما في المنطقة العربية، هو تفويت الموعد مع التاريخ.

استنادا إلى الدور الذي قامت به النساء خلال الثورات والانتفاضات الشعبية الأخيرة، فإن "تحالف مساواة دون تحفظ" [1] يدعو الدول العربية، وكذلك القوى الحيّة إلى تحمّل مسؤولياتها في هذه المرحلة التاريخية التي ستحدّد مستقبل الاجيال القادمة وذلك من أجل:

  • رفع جميع التحفظات على اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" ؛
  • التصديق على الاتفاقية، بالنسبة للدول التي لم تصدق عليها بعد؛
  • التصديق على البروتوكول الإختياري الملحق بالاتفاقية ؛
  • التأكيد على سمو المعاهدات المصادق عليها من قبل البلدان، على القوانين المحلية في الدساتير التي هي قيد الصياغة؛
  • إدراج حظر التمييز على أساس الجنس والمساواة، والمناصفة بين الرجال والنساء في دساتير بلدانهم، وفي القوانين الوطنية، وفي مختلف السياسات العمومية؛
  • إنشاء آلية للمراقبة والمساءلة والمتابعة لضمان التطبيق الفعّال للحقوق الإنسانية للنساء على النحو المنصوص عليه في اتفاقية "سيداو"، ومحاربة التمييز والعنف ضد النساء والفتيات.

الرباط، 13 مارس 2014

أقرأ المزيد