أنظر المذكّرة
إعتمد المغرب سنة 2011 دستورا جديدا، عن طريق الاستفتاء، يضمن مزيدا من الحريات وحقوق الإنسان التي من بينها حريّة الرّأي والتّعبير وحريّة تأسيس الجمعيّات وحريّة التجمّع والتّظاهر السلمي. كما أنّ المملكة المغربيّة ملزمة بالتعهدات القانونيّة الواردة في العديد من الاتفاقيات الدّوليّة التي صادقت عليها.
بيد أنّ بعض المنظّمات غير الحكوميّة للدّفاع عن حقوق الإنسان، وبسبب المواضيع التي تتناولها في عملها، مازالت تعمل في ظروف غير ملائمة، ذلك أنّ السلطات الإداريّة والأمنيّة تبتعد كلّ يوم أكثر فأكثر عن احترام الحقوق المكفولة بمقتضى الدّستور. وقد تسارع نسق هذا التردّي خلال سنة 2014 إثر خطاب وزير الدّاخليّة أمام البرلمان الذي اتّهم فيه جمعيّات حقوق الإنسان بتلقي تمويلات من الخارج للقيام بأعمال مضرّة بأمن المغرب وبصورته.
تتطرّق المذكّرة بشكل مفصّل إلى ثلاثة أساليب تعتمدها السّلطات المغربيّة لتعطيل نشاط تلك الجمعيّات، وهي تعطيلات على مستوى إجراءات التّسجيل (رفض تسلّم ملفّات التّصريح، الآجال) [1] حتّى بالنّسبة إلى الجمعيّات البارزة وذات الرمزيّة في مجال الدّفاع عن حقوق الإنسان في المغرب، [2] ممّا يمنع المنظّمات غير الحكوميّة من الوجود القانونيّ ومن فتح حساب مصرفيّ والحصول على مقرّ ومن الاحتكام للقانون. بالإضافة إلى ذلك فإن الأنشطة (مثل المظاهرات والاجتماعات العامّة) [3] التي تنظمها الجمعيات غير الحكومية يجري حظرها بانتظام. وأخيرا فإن نفاذ تلك المنظّمات إلى التّمويل يتعطّل بسبب غياب التّسجيل أو الوصل النّهائي، [4] ممّا يمنعها من فتح حساب مصرفي ويحدّ من قدرتها على النّفاذ إلى التّمويلات، ويتعطل أيضا نتيجة للإلزام الجديد للمموّلين الدّوليين بالاتصال بوزارة الشّؤون الخارجيّة المغربيّة قبل منح أيّ تمويل إلى المنظّمات المغربيّة. [5]
ولئن يهدف هذا الإجراء الجديد رسميّا إلى مكافحة تمويل المجموعات الإرهابيّة، يُخشى أن يتمّ توظيفه لمراقبة تمويل المنظّمات غير الحكوميّة المستقلّة والنّاقدة لوضع حقوق الإنسان في المغرب.
يُسجَّل هذا التضييق الممنهج على الجمعيات المستقلّة في فترة تواجه فيها البلاد حركات اجتماعيّة جديدة منذ نهاية سنة 2016.
تقول حفيظة شقير، نائبة رئيس الفدراليّة الدوليّة لحقوق الإنسان: "بينما توشك الاحتجاجات والمظاهرات في منطقة الرّيف على أن تتحوّل إلى موجات جديدة من العنف، لا بدّ للبلاد أن تحترم دستورها والتزاماتها الدّوليّة فيما يتعلّق بحريّة التّعبير و تأسيس الجمعيّات، كما يتعيّن على المغرب ضمان سلامة أعضاء ومقرّات المنظّمات غير الحكوميّة للدّفاع عن حقوق الإنسان."
أخيرا رغم وجود سوابق قضائيّة (إجتهاد قضائي ) لصالح لمنظّمات غير الحكوميّة المدافعة عن حقوق الإنسان، تمنع السّلطات المغربيّة بطريقة شبه منهجيّة أنشطة المنظّمات غير الحكوميّة الأجنبيّة أو فروعها المغربيّة، حيث تعرّضت جمعيّة "ترانسبرانسي المغرب" لمحاربة الفساد إلى منع أنشطتها في العديد من المناسبات منذ سنة 2013. وتكرّر طرد حقوقيّين ومراقبين دوليّين، وعلى سبيل المثال لم يعد مسموحا لمنظّمتي العفو الدوليّة وهيومن رايتس ووتش القيام بأنشطتهما الاستقصائية في البلاد.
يشير جيرالد ستابيروك، الأمين العام للمنظّمة العالمية لمناهضة التّعذيب إلى كون "الخطاب الحكومي يخلط عمدا عمل المنظّمات غير الحكوميّة في مجال الدّفاع عن حقوق الإنسان بالإرهاب وبالتطرّف الدّيني ولا بدّ من أن تتوقّف فورا كافّة أشكال التّضييق القضائي الموجّه ضدّها."
يدعو المرصد السّلطات المغربيّة لوضع حدّ للعراقيل المسلّطة على حريّة تأسيس الجمعيّات وإلى احترام جميع الحقوق المكفولة بموجب الصّكوك الدوليّة والإقليميّة لحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب وخاصّة منها حقوق تأسيس الجمعيّات والتجمّع والاحتجاج السّلمي والتّعبير.
أنظر المذكّرة : FIDH / OMCT
يختصّ المرصد، الذي أنشأ بالشراكة بين الفدراليّة الدوليّة لحقوق الإنسان والمنظّمة العالمية لمناهضة التّعذيب، في حماية المدافعين عن حقوق الإنسان ضحايا الانتهاكات وفي مدّهم بالمساعدة الملموسة.
تنتمي الفدراليّة الدوليّة لحقوق الإنسان والمنظّمة العالمية لمناهضة التّعذيب إلى آليّة الاتحاد الأوروبي للمدافعين عن حقوق الإنسان ProtectDefenders.eu التي يتولّى تنفيذها المجتمع المدني الدّولي.