في هذا اليوم العالمي لمكافحة رهاب المثلية وازدواجية الميل الجنسي والعبور الجندري، تؤكد الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان من جديد دعمها الثابت للأشخاص والمدافعين عن حقوق المثليين والمثليات ومزدوجي·ات الميل الجنسي والعابرين·ات جندريا والكويريين·ات وبينيي·ات الجنس، وتواصل الكفاح ضد جميع أشكال التمييز والقمع.
إن تجريم المثلية الجنسية والعبور الجندري هو واقع مدمر في أكثر من 60 دولة. إذيتعرض مجتمع الميم عين+ لعقوبات صارمة، تصل أحيانًا إلى عقوبة الإعدام. وتساهم هذه القوانين في تهميش ووصم هذه الأقليات. وبالإضافة إلى الأفعال الجنسية، يتم أيضًا تجريم التعبير الجندري.
وفي العديد من بلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط، غالبًا ما يجد تجريم العلاقات الجنسية مع أشخاص من نفس الجنس والعبور الجندري جذوره في التراث الاستعماري الفرنسي أو البريطاني. وقد استمرت هذه الأنظمة القانونية الموروثة وترسّخت بسبب إضفاء القداسة على التمييز والأعراف الاجتماعية، المتجذّرة في النموذج البطريركي المتطابق الهوية الجندرية والمعيارية الغيرية. إن صعود الأصولية المقترن بسياسة القمع المعمم يخلق مناخًا من انعدام الأمن والقمع في المجالين الخاص والعام لأفراد المجتمع الكويري في المنطقة.
وعلى الرغم من هذه التحديات، تظهر أصوات شجاعة للدفاع عن المساواة والحقوق الأساسية لمجتمع الميم عين+. وتقوم هذه الأصوات بدعوة الحكومات والمجتمع المدني إلى اتخاذ إجراءات متضافرة لإنهاء التمييز المنهجي وضمان مجتمع متساوٍ للجميع.
قي الشرق الأوسط، وخاصة في المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة واليمن، تنص القوانين على عقوبة الإعدام للمدانين بارتكاب أفعال جنسية بالتراضي مع أشخاص من نفس الجنس، بموجب تفسيرات الشريعة الصارمة.
مائة جلدة
في اليمن، يعاقب قانون العقوبات في المادة 246 الجنس الشرجي بالجلد 100 جلدة و/أو السجن لمدة عام لغير المتزوجين·ات، وبالرجم للمتزوجين·ات. ومؤخراً، في العراق، بعد حملات الكراهية التي قادتها شخصيات سياسية ضد مجتمع الميم عين+، قام البرلمان العراقي في 27 نيسان/أبريل، بإدخال تعديلات على قانون مكافحة الدعارة الذي يعود تاريخه إلى عام 1988. وتنص هذه التعديلات على فرض عقوبات تصل إلى السجن لمدة خمسة عشر عاما على العلاقات المثلية وما يصل إلى ثلاث سنوات للأشخاص الذين يقومون بالعبور الجندري، مما يمثل انتكاسة شديدة لحقوق الأشخاص من مجتمع الميم عين+.
وبالإضافة إلى الأحكام الجنائية التي تجرم المثلية الجنسية صراحة كما هو الحال في الجزائر حيث تعاقب المادة 338 من قانون العقوبات أي شخص مذنب بارتكاب فعل مثلي بعقوبة تصل إلى سنتين والغرامة، أو المادة 520 من قانون العقوبات السوري لسنة 1949 الذي يحظر "العلاقات الجنسية غير الطبيعية" ويعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات، أو الفصل 230 من القانون الجزائي التونسي الذي يعاقب أفعال المثلية الجنسية بين النساء والرجال على حد سواء، كثيراً ما تلجأ السلطات في بلدان المنطقة إلى أحكام قانونية تجرم التعبير عن النوع الاجتماعي. مثل ما هو الحال في عُمان، التي أصدرت، في يناير/كانون الثاني 2018، قانونًا جزائيًا جديدًا يجرم، لأول مرة، التعبير الجندري غير المطابق وغير المعياري. وتنص المادة 266 على عقوبة السجن لمدة تتراوح بين شهر واحد وسنة واحدة و/أو غرامة قدرها 100 إلى 300 ريال (260 إلى 780 دولاراً أمريكياً)، لأي رجل "يظهر علنا بزي امرأة". وتُستخدم الأحكام المتعلقة بالأخلاق الحميدة والتواضع أيضًا لقمع الأقليات الجنسية. وفي الكويت، أصبح قانون الآداب، الذي كان له إطار عام في السابق، ينص على أن أي شخص "يشبه الجنس الآخر بأي شكل من الأشكال" يواجه عقوبة السجن لمدة سنة و/أو غرامة قدرها 1000 دينار كويتي (3322 دولارا أمريكيا).
كثيرًا ما يتم تسجيل حملات "الصيد" ضد الأشخاص من المجتمع الكويري، والسجن والاحتجاز التعسفي والمطول، ومراقبة الشرطة والقضاء والترهيب في البلدان التي اعتمدت هذا النوع من القوانين. وتشكل حالات اليمن وليبياومصر أمثلة صادمة.
وغالباً ما يتم تمويه هذا القمع من قبل السلطات القائمة في ظل غياب بيانات مثبتة وأرقام رسمية تعكس حقيقة الملاحقات القضائية التي بدأت ضد مجتمع الميم عين+. غالبًا ما تثير منظمات حقوق المجتمع الكويري مسألة عدم الإبلاغ عن الاعتقالات والملاحقات القضائية في دول مثل المغرب وقطر.
يتم أيضًا فرض معاملة غير إنسانية ومهينة على الأشخاص من مجتمع الميم عين+. وتُستخدم الممارسات المحطّة، مثل الاختبارات الشرجية (التي تعتبرها الأمم المتحدة ضربا من ضروب التعذيب)، "لإثبات" التوجه الجنسي للمتهمين. وفي تونس، وعلى الرغم من الدعوات المتكررة من منظمات حقوق الإنسان، فإن هذه الممارسة لا تزال مستمرة. وبعيدًا عن جانبها الإشكالي الواضح، فإن هذه الممارسات تعزز الوصم الاجتماعي وبالتالي التمييز ضد مجتمعات الميم عين+ حيثما تحدث.
ما هي الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للأشخاص من مجتمع الميم عين+؟
بالإضافة إلى العنف المؤسسي، يعاني الأشخاص من مجتمع الميم عين+ من حواجز اجتماعية واقتصادية متعددة تعيق الوصول إلى الحقوق الأساسية في مجالات العمل والسكن والصحة والتعليم. تساهم هذه العوائق في التهميش والإقصاء المنهجي لأفراد المجتمع الكويري. ومن الضروري وضع سياسات وممارسات تأخذ في الاعتبار احتياجاتهم·ن الخاصة لضمان الوصول العادل إلى هذه الحقوق الأساسية للجميع، بغض النظر عن التوجه الجنسي والهوية الجندرية والتعبير الجندري والخصائص الجنسية.
علاوة على ذلك، وفي السياق الأوسع لأزمة حقوق الإنسان الحادة والقمع واسع النطاق في منطقة شمال افريقيا والشرق الأوسط، تتبنى الحكومات موقفًا عدائيًا وتعتيمًا تامًا تجاه قضايا مجتمع الميم عين+. في المملكة العربية السعودية، لا يتم التسامح مع أي منظمة رسمية للمجتمع الكويري، ويتم قمع أي شكل من أشكال النشاط لصالح حقوق هؤلاء الأشخاص بشدة. ويتجلى هذا العداء أيضًا في الافتقار إلى الشفافية في التقارير الرسمية حول التمييز على أساس التوجه الجنسي والهوية الجندرية والتعبير الجندري والخصائص الجنسية.
تشجع بيئة الإرهاب هذه عزلة الأشخاص من مجتمع الميم عين+، وتجعل محاولات إنشاء مجتمعات أكثر صعوبة، والقبول العلني مستحيلًا، ومشاركة المعلومات صعبة بشكل خاص.
لكن وبالرغم من هذا المناخ والمخاطر التي ينطوي عليها، ترتفع الأصوات الشجاعة للمطالبة بالمساواة والكرامة. تقوم الحركات التي تدافع عن حقوق المجتمع الكويري وغيرهم بالتعبئة وبناء التحالفات وتحدي القمع. في تونس على سبيل المثال، سجلت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان الأشكال المختلفة للترهيب الذي تمارسه سلطات إنفاذ القانون والنظام القضائي ضد المدافعين عن حقوق مجتمع الميم عين+. ويتجلى ذلك من خلال الاعتداءات وأعمال الترهيب التي تعرضت لها جمعية دمج ومنسقتها ميرا بن صلاح، والتي جرت في أبريل 2024.
في هذا السياق الصعب، ومن بين أنشطة الدفاع والحماية التي تقوم بها الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، يلعب مرصد حماية المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، الذي تم إنشاؤه بالشراكة مع المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب في عام 2007، دورًا حاسمًا في التنبيه والمرافقة. ويهدف ويهدف المرصد إلى دعم المدافعين والمدافعات، بما في ذلك نشطاء مجتمع الميم عين+، في مواجهة القمع والعنف، مع محاولة تقديم استجابة ملموسة للتحديات التي يواجهونها. وتشمل إجراءاته إصدار إنذارات دولية بشأن حالات المضايقة والترهيب، وتقديم المساعدة القانونية أثناء المحاكمات، وبعثات تقصي الحقائق والتضامن، فضلاً عن التعبئة مع المنظمات الدولية. وبالتعاون الوثيق مع المنظمات غير الحكومية، يضمن المرصد تعزيز الحماية والدفاع عن حقوق الإنسان، مما يؤكد التزامه الملموس بأمن وكرامة المدافعين والمدافعات المعرضين للخطر.
في ظل التحديات المستمرة التي تواجه مجتمع الميم عين+ في المنطقة، من الضروري اتخاذ خطوات ملموسة وفورية لضمان حقوقهم الأساسية وسلامتهم. ولتحقيق هذه الغاية، ندعو الحكومات إلى احترام حقوق المجتمع الكويري ووضع حد لجميع أشكال القمع ضده وضد المدافعين عنه. وتهدف التوصيات التالية إلى تحقيق هذا الالتزام:
– إنهاء وحظر تشويه الأشخاص بينيي الجنس، وبالتالي التأكيد على أهمية ضمان السلامة الجسدية والحقوق الأساسية لجميع الأشخاص، بغض النظر عن خصائصهم الجنسية؛
– وضع حد لممارسات التعذيب وسوء المعاملة، بما في ذلك من خلال إلغاء الاختبار الشرجي الذي غالباً ما تستخدمه العديد من الحكومات في المنطقة لتحديد التوجه الجنسي؛
– إلغاء القوانين التي تجرم العلاقات الجنسية المثلية والعبور الجندري، مع حظر التمييز على أساس التوجه الجنسي والهوية الجندرية والتعبير الجندري والخصائص الجنسية ومكافحته بفعالية؛
– وضع حد للقيود والترهيب، بما في ذلك المضايقات القضائية، التي تمارس على الجمعيات والحركات التي تدافع عن مجتمع الميم-عين+؛
– إنهاء وحظر تشويه الأشخاص بينيي الجنس، وبالتالي التأكيد على أهمية ضمان السلامة الجسدية والحقوق الأساسية لجميع الأشخاص، بغض النظر عن خصائصهم الجنسية؛