العنف الجنسي ضد الإيزيديين: يجب محاكمة المقاتلين الأجانب في "داعش" على ارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية

باريس - 25 أكتوبر/تشرين الأول 2018 - استناداً إلى استنتاجات ميدانية، يصف تقرير نشرته اليوم منظمة كِنيات والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان كيف قام تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بتشريع، وتنظيم، والتخطيط للاتجار بالإيزيديين الأسرى في العراق وسوريا. ويدعو التقرير إلى ملاحقة المقاتلين الأجانب قضائيا من قبل المحاكم الوطنية والدولية بتهم ارتكاب جرائم جنسية ترقى إلى إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، في سياق اقتصرت فيه استجابة السلطات حتى الآن على مكافحة الإرهاب.

ويستند التقرير، الصادر اليوم، إلى العمل التوثيقي لمنظمة كِنيات للتوثيق، التي تعمل بنشاط على توثيق الجرائم التي ارتكبت ضد الإيزيديين منذ عام 2014، فضلاً عن سلسلة من المقابلات مع ناجيات وناجين إيزيديين وغيرهم من الجهات المعنية أجرتها الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان ومنظمة كِنيات من خلال بعثتي تقصي حقائق أرسِلتا إلى العراق.

ويلقي التقرير الضوء على الجرائم الجسيمة التي ارتكبت ضد الأسيرات والأسرى الإيزيديين، بما في ذلك الجرائم المرتكبة على أيدي المقاتلين الأجانب في "داعش". ومن بين الجنسيات التي وثقتها منظمة كِنيات والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان: مقاتلون فرنسيون، وألمان، وأمريكيون، وسعوديون، وليبيون، وتونسيون، ولبنانيون، وفلسطينيون، ويمنيون، وصينيون.

عندما استولى تنظيم "داعش" على الموصل في 10 يونيو/حزيران 2014، شرع في حملة لـ "تطهير" المنطقة من مجتمعاتها "غير الإسلامية" والشيعية. وفي 3 أغسطس/آب 2014، هاجم مقاتلو "داعش" منطقة سنجار، مما أجبر 130,000 من الإيزيديين على الفرار صوب المناطق الكردية. ومع عدم وجود مكان آخر يلوذون به، أُجبر عشرات الآلاف منهم على اللجوء إلى جبال سنجار، في ظل ظروف بالغة السوء. ومات ما لا يقل عن 1,700 شخص بسبب نقص المياه والطعام والظل والمعدات الطبية.

وكان هجوم سنجار بداية لحملة وحشية للقضاء على الهوية الإيزيديّة، إنطوت على انتهاكات أرتكبت على نطاق واسع، وإرغام على التحوّل إلى الإسلام، وفصل للعائلات واسترقاق للنساء والأطفال الناجين الذين تم اعتباراهم "غنائم حرب". وترقى تلك الحملة إلى إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، وفقاً للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان ومنظمة كِنيات. ونشر تنظيم "داعش" إعلاميا على نطاق واسع الجرائم المرتكبة ضد الإيزيديين، مستخدما إياها كدعاية لجذب مجندين جدد ولترويع المدنيين.

تم إضفاء الشرعية على هذه الجرائم مسبقاً من خلال سلسلة من المفاهيم الدينية والقانونية بما في ذلك مفهوم "السبايا" وخاصة "السبي" (أسر واسترقاق نساء وأطفال غير المؤمنين). وتم تطوير هذا الخطاب في مجلات التنظيم وكذلك في الدراسات الدينية التي كُرست خصيصاً لمسألة الاسترقاق، مع التركيز بشكل خاص على الاسترقاق الجنسي.

كما قام "داعش" أيضاً بتنظيم والتخطيط للاتجار بالنساء والأطفال الإيزيديين الذين فُصلوا بشكل ممنهج عن الرجال. وتم بيع العديد من الأسرى في أسواق الرقيق أو على مواقع إلكترونية متخصصة عبر تطبيقات مثل تلغرام وسيغنال. وكانت إحدى مجموعات الدردشة المخصصة لإعادة البيع عبر الإنترنت، والمعروفة باسم "مول الدولة الإسلامية الأكبر"، تضم 754 عضواً. وفي تلك المجموعة، كان يمكنُ لمقاتلي التنظيم شراء النساء أو الأطفال، مع وصفٍ تفصيلي لعمرهم أو مظهرهم البدني، فضلاً عن الأسلحة أو السيارات.

ويُقال إن أكثر من 6,800 إيزيدي محتجزون كأسرى، 4,300 منهم قد هربوا أو تم شراؤهم مرة أخرى. فيما لا يزال يعتقد أن 2,500 من أفراد المجتمع الإيزيدي "مفقودون".

خلال العامين الماضيين، دُحرت داعش من المدن والأراضي الرئيسية التي كانت تسيطر عليها في أنحاء العراق وسوريا. فقد قُتل آلاف المقاتلين أو أُلقيَ القبضُ عليهم. وحُكم على ما لا يقل عن 300 منهم بالإعدام، في حين حُكمَ على المئات منهم بالسجن مدى الحياة.

إلا أن الآلاف منهم لاذوا بالفرار. ففي أكتوبر/تشرين الأول 2017، قَدّر مركز صوفان أن 5,600 من المقاتلين الأجانب قد عادوا إلى 33 دولة مختلفة. وعندما تتم مقاضاتهم، غالباً ما يتم ذلك على أساس تهم الإرهاب.

يجب ألا تحجب هذه المخاوف المشروعة حول الأمن فظاعة الانتهاكات المروّعة التي ارتكبها مقاتلو "داعش"، الذين يجب محاكمتهم على ارتكاب جرائم دولية.

ولهذا السبب، تُطالب المنظمتان المعدتان لهذا التقرير بأن تتم مقاضاة المقاتلين الأجانب الذين كانوا منضوين في صفوف "داعش" في العراق وسوريا بتهمة الإبادة الجماعية وارتكاب جرائم ضد الإنسانية، حيث وضع تنظيم "داعش" عمداً سياسة للقضاء على المجتمع الإيزيدي، بما في ذلك من خلال الاسترقاق الجنسي وجرائم جنسية أخرى ضد النساء والفتيات.

لذلك، تدعو الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان ومنظمة كِنيات السلطات الوطنية إلى توسيع نطاق المحاكمات لتشمل التهم التي تعترف بواقع الجرائم التي ارتكبها أعضاء "داعش"، فضلاً عن ضمان إنصافِ الضحايا. وبالإضافة إلى ذلك، تطالب المنظمتان المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية بفتح دراسة أولية تستند إلى حقيقة أن مرتكبي هذه الجرائم - غالبا من ذوي الرتب العليا - هم من رعايا الدول الأطراف في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

التقرير:

أقرأ المزيد