"بعد صدور أمر التوقيف بحق البشير، جاءت إلى مقر المركز شاحنات كبيرة محملة برجال مسلحين بالبنادق."

01/04/2015
البيانات الصحفية
ar en es fa fr ru

أمير سليمان مدافع عن حقوق الإنسان سوداني

أمير سليمان محامٍ سوداني وقد شارك في تأسيس المركز الأفريقي لدراسات السلم والعدل. كان يعمل في كامبالا منذ عام 2009، حين أُجبر على مغادرة بلده خشية من انتقام الحكومة منه جراء نشاطه بمجال حقوق الإنسان والعدل الدولي.

في عام 2008، تم القبض على سليمان ومعه زملاؤه عثمان حميدة وعبد المنعم الجاك، وعُذبوا، على يد أعوان جهاز الأمن والمخابرات الوطني، جراء تعاونهم المزعوم مع المحكمة الجنائية الدولية. في فبراير/شباط 2009، وقت أن كان يحتل منصب مدير مركز الخرطوم لحقوق الإنسان وتنمية البيئة، تم إخطار سليمان من قبل الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان بأن المحكمة الجنائية الدولية ستصدر أمر توقيف بحق عمر البشير جراء انتهاكات لحقوق الإنسان وقعت في دارفور. تشاور سليمان مع الأعضاء الآخرين بالمركز وقرر أن الأفضل مغادرة البلاد.

يروي سليمان عن تلك الفترة قائلاً: "بعد صدور أمر التوقيف بحق البشير، جاءت إلى مقر المركز شاحنات كبيرة محملة برجال مسلحين بالبنادق. أخذوا كل شيء، الحواسب وأجهزة التكييف المُركبة على الجدران. لكن الأهم أنهم أخذوا مكتبتنا، وهي أول مكتبة حقوق إنسان سودانية أسهم في تأسيسها الطلاب والمشتغلين بالمجال على مدار السنوات. أوصدوها وتركوها تبلى".

في أعقاب تلك الأحداث، تقدم سليمان برفقة عثمان حميدة وعبد المنعم الجاك بشكوى إلى اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، سعياً للانتصاف من المعاملة السيئة التي تلقوها في عام 2008. في فبراير/شباط 2015، بعد ست سنوات من المداولات والإجراءات القانونية، قررت اللجنة أن على الحكومة السودانية الرد على هذه الانتهاكات وأهابت بالسلطات أن تحقق مع مسؤولي الأمن والمخابرات وتلاحقهم جراء المسؤولية المزعومة عن تلك الأعمال. كما دعت اللجنة حكومة السودان إلى رفع الحظر المفروض على الحسابات المصرفية لمركز الخرطوم، وأن تسمح بمعاودة افتتاحه، وأن تعوض الضحايا مادياً. يُظهر قرار سليمان برفع شكوى مع زملائه، وكذا صمودهم على مدار سنوات من المداولات، إيمانه بأهمية الآليات الإقليمية والدولية.

ما إن استقر في أوغندا، حتى قام سليمان برفقة الناشط عثمان حميدة وآخرون بتأسيس المركز الأفريقي لدراسات السلم والعدل. وبفضل سعيهم الحثيث وتصميمهم البالغ، سرعان ما أصبح المركز فاعلاً رائداً في مجال توثيق انتهاكات حقوق الإنسان وفي مكافحة الانتهاكات في السودان. في الوقت الحالي يشغل منصب مدير البرنامج القانوني بالمركز.

تشتمل أنشطة المركز على رصد موقف حقوق الإنسان بشكل عام في السودان، وتنظيم أنشطة المناصرة على المستويات الوطني والإقليمي والدولي، والمطالبة بإصلاح نظام العدالة وبعض القوانين السودانية. كما يعلق المركز الأفريقي أهمية بالغة على التوعية بحقوق الإنسان وتعميم المعرفة بها. يقول سليمان: "قمت بتدريب العديد من الناس على قضايا حقوق الإنسان، ومنهم رجال شرطة ومستشارين قانونيين. ما يدهشني حقاً هو رغبتهم في معرفة المزيد. وبشكل خاص مسؤولي إنفاذ القانون، فيما يتعلق بالتعذيب. أغلبهم لم تكن لديهم دراية بأن التعذيب غير قانوني وبعضهم قرر تعريف من حوله بذلك. أما بالنسبة للمشتغلين بالقانون، فقد اكتشفوا كيف يطرحوا الأسئلة ليعرفوا إن كان التعامل الشرطي يشتمل على أعمال تعذيب".

ينبع اهتمام سليمان جزئياً بقضايا حقوق الإنسان من خلفيته العائلية. فوالده – رئيس نقابة الأطباء البيطريين (1986 - 1989) وعضو أمانة التحالف الوطني الديمقراطي، تعرض للاعتقال عدة مرات جراء أنشطته السياسية وأسيئت معاملته أثناء احتجازه. وفي عام 1989 شهد سليمان على الانقلاب العسكري الذي أتى بالرئيس عمر البشير إلى سدة الحكم. تم حل الحكومة الديمقراطية، وكذا النقابات ومنظمات المجتمع المدني. كانت تلك هي الأجواء القمعية التي بدأ سليمان يدرس في سياقها القانون في جامعة النيلين بالخرطم في التسعينيات، حيث بدأ مساره بالعمل كناشط. أدت هذه التجارب بسليمان إلى وضعه لاحترام حقوق الإنسان في السودان في القلب من عمله بالقانون.

بعد التخرج، أصبح سليمان محامٍ في مؤسسة قانون خاصة، حيث دافع عن ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في المحاكم السودانية. ومن بين موكليه نزلاء على ذمة الإعدام تعرضوا لظروف احتجاز لاإنسانية، وقد تم تقييد بعضهم بالأصفاد في الحبس الانفرادي لمدد ناهزت الـ 13 عاماً.

استمر سليمان في عمله لصالح عدد من منظمات حقوق الإنسان البارزة، من بينها مجموعة حقوق الإنسان السودانية، والمنظمة السودانية لمناهضة التعذيب، ومركز أمل لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب، ومركز الخرطوم لحقوق الإنسان وتنمية البيئة، قبل أن يؤسس المركز الأفريقي لدراسات السلم والعدل مع عثمان حميدة.

من بين إسهاماته الأهم في تحسين حالة حقوق الإنسان في السودان، مشاركته في حملة لدمج مشروع قانون يُعنى بالحقوق إلى الدستور السوداني. وأثناء عمله مديراً لمركز الخرطوم، ساعد في قيادة الحملة للتوعية بأهمية قانون الحقوق، بما في ذلك بالمناطق المهمشة في السودان. وكانت تلك هي أول مرة يتم ضم وثيقة من هذا النوع إلى الدستور السوداني، وهو الدستور الوطني الانتقالي لجمهورية السودان لعام 2005.

وعلى الصعيدين الإقليمي والدولي، تعاون مع منظمات منها الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان وهيومن رايتس ووتش، والعفو الدولية، وهي الشراكات التي ساعدت في لفت الانتباه إلى انتهاكات حقوق الإنسان التي يشهدها السودان. قال سليمان: "ساعدتنا الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان في تحسين قدرتنا على التواصل مع آليات حقوق الإنسان الإقليمية، وفي تمكين السودانيين من مخاطبة مجلس حقوق الإنسان".

السودان يعاني من عدد من النزاعات حالياً، في دارفور وولاية النيل الأزرق وولاية كردفان. في تلك المناطق، تُعد الجرائم الدولية من الوقائع المتكررة والمعتادة. يود سليمان لو يولي الجميع الأولوية لتسوية هذه النزاعات: "هؤلاء الناس يريدون السلام، ولا يستحقون أي من هذا. على مدار سنوات حُرم الناس من التعليم، ومن الخدمات الصحية والإسكان. لنأمل جميعاً في السلام والأمن لتلك المناطق الثلاث". في حين لم يُسمح لسليمان بالعودة إلى السودان منذ غادره في عام 2009، فهو ما زال مرتبطاً تمام الارتباط ببلده ويكرس جهوده لتذليل أية معوقات تحول دون من يعيشون في السودان وتمتعهم بالكامل بحقوقهم الإنسانية.

أقرأ المزيد