غرق القارب المأساوي عند لامبيدوسا: هل آن الأوان أن يفيق الاتحاد الأوروبي؟

09/10/2013
البيانات الصحفية
ar en fr

رسالة مفتوحة إلى وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي (أرسلت يوم 8 أكتوبر)

السادة الوزراء،

مع تجهيز المجلس لمناقشة الأحداث المأساوية التي وقعت على مقربة من شاطئ لامبيدوسا في إيطاليا يوم 3 أكتوبر/تشرين الأول، التي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 300 شخص، وقبيل زيارة الرئيس باروسو إلى لامبيدوسا غداً، فإننا نكتب رسالتنا هذه لدعوة الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء إلى اتخاذ إجراءات سريعة لمنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

هذه المأساة الأخيرة حدثت عندما اشتعلت النار في قارب – خرج من ساحل ليبيا متجهاً إلى إيطاليا وعلى متنه ما يربو على الخمسمائة شخص، أغلبهم من إريتريا والصومال – وغرق على مسافة كيلومتر واحد تقريباً من شاطئ لامبيدوسا. هذه الأحداث تذكرنا مرة أخرى بالمصير المأساوي لأعداد متزايدة من المهاجرين الذين يعبرون البحر المتوسط التماساً للحماية ولحياة أفضل في أوروبا.

غرق هذا القارب هو مجرد الحادث الأخير في سلسلة طويلة من الحوادث المأساوية التي شهدها البحر المتوسط على مدار السنوات الأخيرة، وهو ثاني حادث من نوعه في أسبوع. [1] أغلب الضحايا هم أشخاص فروا من نزاعات في إريتريا والصومال وأثيوبيا، ومؤخراً من سوريا، وهم مستحقون للحماية بموجب القانون الدولي اللاجئين والقانون الدولي لحقوق الإنسان. من المقدر أن 20 ألف شخص قد خسروا حياتهم خلال العقدين الماضيين أثناء محاولة بلوغ حدود أوروبا الجنوبية من الجانب الآخر للبحر المتوسط.

وكرد فعل للكارثة الأخيرة تعهدت مفوضة الشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي سيسيليا ملمستروم بتصعيد جهود الاتحاد الأوروبي من أجل منع تكرر هذه المآسي ولإظهار التضامن مع المهاجرين والبلدان المتوقع أن يزيد تدفق المهاجرين عليها. رغم اقتراح العديد من الحلول – مثل نظام مراقبة الحدود الجنوبية EUROSUR وزيادة موارد وكالة Frontex – إلا أنها لا تزيد عن الاستمرار في النهج الحالي.

إن على الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء التفكير في مسؤولياتهم وإسهامهم في سياسات الهجرة التقييدية المستندة إلى التقديرات الأمنية التي تؤدي إلى مثل هذه المآسي. إن تحسين السيطرة على الحدود – بما في ذلك من خلال إنشاء وكالة مراقبة حدودية متخصصة، هي فرانتكس، والاستعانة بأدوات جديدة مثل نظام مراقبة الحدود الجنوبية (يوروسور) الذي يبدأ عمله قريباً، قد أجبر المزيد والمزيد من المهاجرين واللاجئين الذين يفرون من الاضطهاد والنزاعات في بلدانهم التماساً للحماية وحياة أفضل في أوروبا، إلى أن يطرقوا طرقاً أشد خطورة ويعرضون حياتهم للخطر.

إن هذه الإجراءات، مقترنة بمحدودية فرص الهجرة الشرعية ومعوقات الوصول إلى نظام اللجوء، هي من بين الأسباب لتزايد أعداد من يموتون على أعتاب أوروبا في محاولة لبلوغ شطآنها.

وعلى التوازي، ليس لدى الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء منهجاً فعالاً ومنسقاً في عمليات البحث والإنقاذ. في غياب قواعد واضحة ومنسقة للبحث والإنقاذ والإنزال من القوارب، يستمر المهاجرون في السقوط ضحايا لمجموعة معقدة من السياسات التي تمكن الدول من الالتفاف حول مسؤولياتها وتزيد المخاطر عليهم. في حين أن ولاية وكالة فرونتكس ونظام يوروسور يحتويان على إشارات إلى عمليات البحث والإنقاذ فإن "مكافحة الهجرة غير الشرعية" مستمرة في السمو على هذه الالتزامات. أضف إلى هذا أن القوانين الوطنية تجرم عمليات الإنقاذ إذ تعتبرها مساعدة وتحريض على الهجرة غير الشرعية، مما يسهم في امتناع السفن والقوارب الخاصة عن الاضطلاع بالتزاماتها بموجب القانون الدولي البحري، الذي يطالبها بمساعدة القوارب المعرضة للخطر.

إلقاء اللوم في هذه المآسي على الشبكات الإجرامية والمهربين الذين يستغلون يأس المهاجرين هو تجاهل للأسباب الحقيقية التي تؤدي إلى التهريب. سياسات الهجرة التقييدية التي تمنع المهاجرين واللاجئين من دخول الاتحاد الأوروبي بشكل شرعي تسمح بانتعاش هذه الأنشطة غير القانونية، وتعد هذه السياسات مسؤولة بشكل غير مباشر عن المآسي الإنسانية القائمة.

لقد حان الوقت لأن يضع الاتحاد الأوروبي على رأس أولوياته مساعدة القوارب المعرضة للخطر ومنع وقوع الخسائر في الأرواح.

تدعو الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، والشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، ومجموعة Migreeurop والجمعية الأوروبية للدفاع عن حقوق الإنسان AEDH الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء إلى:

  • تعديل وتجديد سياسات الهجرة بما يضمن ألا تسمو الاعتبارات الأمنية على حساب حقوق الإنسان، وأن أية سياسة بشأن الهجرة – بما في ذلك القواعد المنظمة للبحث والإنقاذ – تتصل أولاً وقبل أي شيء بحماية أرواح المهاجرين وحقوقهم الإنسانية، وليس إغلاق الحدود كأولوية أولى.
  • زيادة قدرات البحث والإنقاذ والتعاون في البحر المتوسط من أجل منع المزيد من الخسائر في الأرواح.
  • وضع قواعد واضحة ومتجانسة للبحث والإنقاذ عن الأشخاص المعرضين للخطر في البحر، بما يضمن تفادي أي ارتباك إزاء الالتزام بالخروج في عمليات بحث وإنقاذ للقوارب المعرضة للخطر وضمان توفر المساعدات الملائمة لهذه القوارب، كما أوصى التجمع البرلماني للمجلس الأوروبي PACE في تقريره الصادر في أبريل/نيسان 2012 بعنوان "خسارة الأرواح في البحر المتوسط". [2]
  • في سياق المفاوضات على الأنظمة المزمعة التي ستضع القواعد للمراقبة للحدود البحرية الخارجية أثناء عمليات التعاون المنسقة عبر وكالة فرونتكس، فمن أجل ضمان حقوق الإنسان للاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين يجب أن تجري العمليات بمراعاة الامتثال الكامل لحقوق الإنسان الدولية وقوانين ومعايير اللاجئين الدولية.
  • إلغاء القوانين الوطنية التي تجرم الإنقاذ من البحر، من أجل ضمان تشجيع القوارب والسفن الخاصة على الالتزام بما عليها من التزامات بموجب القانون الدولي البحري، الذي يطالبها بمساعدة القوارب المعرضة للخطر.
  • ضمان ألا تكون الاعتبارات الأمنية هي المحرك الوحيد وراء أنشطة فرونتكس، بل أن تُعطى الأولوية لالتزامات البحث والإنقاذ وحقوق الإنسان الخاصة بالمهاجرين كما هو وارد في ولاية الوكالة.
  • ضمان أن تكون حقوق الإنسان ومساعدة المهاجرين المعرضين للخطر في القلب من عمل نظام مراقبة البحر المتوسط الجديد يوروسور، ما إن يبدأ عمله.
  • ضمان عدم إعادة الناس بعد اعتراضهم في البحر إلى البلدان التي يتعرضون فيها لخطر المعاملة في خرق للمادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وهذا بالاتساق مع حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية "هيرسي وآخرون ضد إيطاليا".
  • فتح قنوات جديدة للهجرة الشرعية، مما يقلل من المخاطر المتصلة بمحاولات المهاجرين دخول الاتحاد الأوروبي بصفة غير شرعية وهو ما يسهم في مكافحة استغلال المهربين للمهاجرين.
  • وضع احترام الأرواح وحقوق المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين في القلب من أية اتفاقات تعاون ثنائية أو متعددة الأطراف بشأن المهاجرين مع دول خارجية، بما في ذلك اتفاقات الإعادة وشراكات التعاون الفني، لضمان ألا تكون الأولوية للسيطرة على الحدود والأمن بما يسمو على حقوق المهاجرين، لدى التفاوض على هذه الاتفاقات.
  • الامتناع عن الدخول في أية اتفاقات إضافية مع دول خارجية إلى أن تُظهر احترامها وحمايتها لحقوق الإنسان الخاصة بالمهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين، وحتى تضع نظاماً مرضياً لتقييم طلبات الحماية الدولية والاعتراف بها، وأن تُنحى جانباً الاتفاقات مع دول لا تحترم هذه الشروط.
  • بدء مناقشات حول إجراءات ملموسة لزيادة المشاركة في المسؤولية، بما في ذلك خدمات الإنقاذ، والتعامل مع طلبات اللجوء وإعادة التوطين والنقل، بما يقلل من أعداد الناس الذين يعرضون حياتهم للخطر في محاولة بلوغ الشطآن الأوروبية، ومساعدة من يحتاجون المساعدة بموجب تدابير الحماية الدولية، مع مساعدة دول الحدود البحرية على التكيف مع زيادة تدفقات المهاجرين. يجب أن يشمل هذا مناقشات حول المراجعات الأساسية لنظام دبلن، الذي يضع في شكله الحالي عبئاً ثقيلاً غير متناسب على دول الحدود الخارجية، وهذا كما أوصى مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان للمهاجرين، فرانسوا كريبو في تقريره الصادر في أبريل/نيسان 2013. [3]
  • احترام حق الأسر في معرفة مصائر من فقدوا حياتهم في البحر من خلال تحسين جمع بيانات التعرف على الهوية وكشفها.

على حد قول جان كلود مينون – رئيس التجمع البرلماني للمجلس الأوروبي PACE – رداً على أحداث لامبيدوسا: "تحدث مأساة إنسانية رهيبة على أعتاب أوروبا". إننا نأمل ألا تتكرر مأساة أخرى مثل التي شهدنا عليها وأن يقر الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء بضرورة إحداث تغييرات موسعة في نهجها الخاص بالهجرة، يكون منع الخسائر في الأرواح واحترام حقوق الإنسان في القلب منها.

ونتطلع إلى مناقشة الموضوع معكم أكثر.

مع بالغ الود والتقدير،

كريم لاهيجي، رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان

ميشيل توبيانا، رئيس الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان

أوليفييه كلوشارد، رئيس مجموعة Migreurop

سيرجي كولفلتر، رئيس الجمعية الأوروبية للدفاع عن حقوق الإنسان

أقرأ المزيد