المحكمة الجنائية الدولية 2002 - 2012 : عشر سنوات وعشر توصيات من أجل محكمة جنائية دولية

بدأ نفاذ النظام المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية في 1 يوليو/تموز 2002، بعد أن صدّقت عليه 60 دولة. في الوقت الحالي، هناك 121 دولة من شتى بقاع الأرض أطراف في النظام المنشئ للمحكمة.

بدأت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقات في عدة حالات وعدد من القضايا ضد أفراد متهمين بأنهم الأكثر مسؤولية عن جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في أوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية أفريقيا الوسطى وكينيا وليبيا وساحل العاج وأعمال إبادة جماعية في دارفور بالسودان.

يتم الاحتفال بالذكرى العاشرة لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية في سياق عدة أزمات مالية عالمية تؤثر بدورها على المحكمة. وترفض الدول الأطراف بالمحكمة – لا سيما على مدار العامين الماضيين – أية زيادة في ميزانية المحكمة، لا سيما تلك التي تؤثر في قدرتها على إجراء تحقيقات وملاحقات قضائية جديدة، وتؤثر على قواعد إجراءات التقاضي السليمة (من خلال الإصلاح القائم للمساعدة القانونية الممنوحة للمتهمين وللضحايا).

بالإضافة إلى مسألة الميزانية هذه، ذات الأثر المباشر على أنشطة المحكمة، فإن القضية المركزية تخص الدور والمكانة التي تعتزم الدول منحها للمحكمة الجنائية الدولية، وبشكل أكثر عمومية، التي تعتزم منحها للعدالة الجنائية الدولية، في سياق التسويات السلمية للنزاعات وإرساء سلام دائم على المستوى الدولي.

من هذا المنطلق، تنشر الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان توصياتها العشرة من أجل محكمة جنائية دولية فعالة ومستقلة.


1. يجب زيادة عالمية نطاق المحكمة

رغم أن الكثير من الدول صدقت على نظام المحكمة الجنائية الدولية، فإن جهود إضفاء العالمية على المحكمة تحتاج إلى الدعم والتعزيز. لم تصدق دول مؤثرة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين على نظام المحكمة. وفي بعض المناطق، تحديداً الشرق الأوسط وأسيا، لم يتم انضمام دول كثيرة للنظام المنشئ للمحكمة. ويصعّب هذا على المحكمة – إن لم يكن يجعله مستحيلاً – أن تمارس اختصاصها القضائي في القضايا التي تدخل في نطاق اختصاص المحكمة، في مناطق مثل سوريا والأراضي الفلسطينية وسريلانكا وروسيا (الشيشان). من ثم فهناك حاجة إلى المزيد من التصديقات على النظام الخاص بالمحكمة، من أجل توسيع نطاق اختصاصها. الحدود المفروضة على اختصاص المحكمة تسهم في التصور الخاص بأن المحكمة غير محايدة، ويعزز من هذا التصور حقيقة أن جميع التحقيقات القائمة تتم في القارة الأفريقية، حيث تقع بالفعل جرائم جسيمة.
كما يجب على مكتب مدعي المحكمة الجنائية الدولية أن يتمم تحليله الأوّلي – الذي ما زال لم يتم – الخاص بحالات أخرى في مناطق غير أفريقيا، مثل كولومبيا، حيث التحقيق من جانبه في الأوضاع هناك مبرر وضروري.


2. يجب زيادة دعم الدول للمحكمة

على الدول التزام بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، التي لا تتوفر لها قوة شرطية خاصة بها. تعاني المحكمة بشدة من عدم تعاون الدول بالشكل الكافي معها، مما يضعف من سلطتها وفعاليتها. من ثم، ففي مطلع عام 2012، تم تنفيذ 5 أوامر فقط من 18 أمر توقيف أصدرتها المحكمة. بالإضافة إلى التعاون القضائي والفني الضروري من الدول، فعلى الدول الأطراف أن تزيد من دعمها السياسي والدبلوماسي المستمر للمحكمة. على الدول الأطراف – بشكل فردي – أن تتبنى تصريحات وبيانات علنية بدعم الولاية الكابحة للجرائم والواقية منها الخاصة بالمحكمة. كما أن على الدول الامتناع عن مقابلة أي فرد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية بحقه أمر توقيف. كما أن تبني ميزانية عبر تصويت، تكون مخصصة للوفاء بالاحتياجات كما عرضتها المحكمة – بعيداً عن مبدأ عدم إضافة أية زيادة الذي دافعت عنه الدول الأطراف – خصوصاً على مدار العامين الماضيين، هو أمر من شأنه أن يعبر عن الدعم العملي لتمكين المحكمة الجنائية الدولية وأعمالها. ودون التدخل بشكل غير مباشر في مجريات عمل المحكمة، تحافظ الدول على استقلال المحكمة، وهي ضمانة هامة لفعالية المحكمة. كما يتعين على الدول التي لم ترتكب جرائم على أراضيها أن تُظهر دعماً متزايداً ومحايداً للمحكمة، بأن تحيل الأوضاع والحالات الخاضعة لاختصاصها – كما ورد في المادة 14 من النظام – إلى المحكمة.

يجب أيضاً إبداء هذا الدعم من خلال الأولويات التي تتبناها المنظمات بين الحكومية مثل الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي. وينبغي على الاتحاد الأفريقي – وهناك عدد كبير من دوله الأعضاء صدقت على نظام المحكمة – أن يعمل أيضاً على الالتزام بقرارات المحكمة وأن يلتزم بتعزيز أداء المحكمة الجنائية الدولية التكميلي في مقاضاة المسؤولين عن الجرائم الدولية. كما ينبغي أن يستمر مجلس الأمن في استخدام سلطاته بشكل محايد في إحالة الأوضاع المستحقة للإحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية.


3. يجب دعم التحقيقات والملاحقات القضائية الخاصة بمكتب مدّعي المحكمة

ينبغي على المدعية العامة الجديدة للمحكمة، فاتو بنسودا، أن تجري تقييماً نقدي الطابع لتنفيذ سياسات وممارسات مكتب الادعاء، وآثار وتبعات هذه السياسات والممارسات. كان قضاة بالمحكمة الجنائية الدولية قد طرحوا تساؤلات حول أسلوب إجراء مكتب الادعاء للتحقيقات، خاصة في قضايا لوبانغا ومباروشيمانا وموداكومارا. من ثم، فإن سياسة تحجيم فرق التحقيق لابد أن تُراجع مع البحث في توظيف محققين محترفين جدد. كما ينبغي أن يأخذ مكتب الادعاء في اعتباره الآثار والتبعات السلبية للمنهج التتابعي في التحقيق، وهو التركيز على مجموعة معينة (طرف في نزاع) ثم نقل الموارد المحدودة إلى طرف آخر في النزاع للتحقيق معه بعد الأول. هذا المنهج يؤدي لظهور تصور بوجود تحيز من المحكمة، ويؤدي إلى ملاحقات قضائية لا تعكس حقيقة الجرائم المرتكبة، لا سيما بما أنه في قضايا كثيرة، فهناك جماعات في النزاعات لم تُلاحق قضائياً (أوغندا، جمهورية الكونغو الديمقراطية، ساحل العاج). كما يتعين على مكتب الادعاء مراجعة خطة الملاحقة القضائية المُركزة التي يتبعها، وأن يأخذ المكتب في اعتباره تحديداً مدى تمثيل الاتهامات التي يطلقها للحقيقة وأثرها على المجتمعات السكانية المتأثرة بموضوعات التحقيقات التي تصدر الاتهامات فيها. إذا كان لابد لمكتب الادعاء أن يستمر في التركيز على ملاحقة أولئك الذين يتحملون أكبر قدر من المسؤولية؛ فعليه أن يبحث عن المسؤولين عن الجرائم ضمن سلاسل القيادة في الحالات التي تنظرها المحكمة حالياً.


4. يجب تحرّي الملاحقة القضائية الممنهجة في جرائم العنف الجنسي

اشتمل نظام روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية للمرة الأولى على تعريفات للاغتصاب والاسترقاق الجنسي والدعارة الجبرية والحمل الجبري وإحداث العُقم جبراً وغيرها من أشكال العنف الجنسي ذات الجسامة المماثلة للمذكور كجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، وذلك جزئياً من وحي الفقه القانوني المبتكر للمحاكم الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة ورواندا ومن واقع توصيات منظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق المرأة. إلا أن هذه الإضافة المبتكرة للنظام لم تُنفذ بشكل كامل.
رغم أننا يمكننا ملاحظة جهود مكتب ادعاء المحكمة في إضفاء الطابع الممنهج على تمثيل وعرض اتهامات جرائم العنف الجنسي، إلا أن هذا التمثيل ما زال يفتقر للمساواة. إما أن هذه الاتهامات لم تكن ضمن الاتهامات التي تقدم بها الادعاء بسبب عدم كفاية التحقيقات والأدلة (قضية الادعاء ضد توماس لوبانغا، الادعاء ضد بوسكو نتاغاندا (جمهورية الكونغو الديمقراطية) قبل التمديد في عام 2012، وقضية الادعاء ضد روتو وآخرون (كينيا) والادعاء ضد سيف الإسلام، والادعاء ضد السنوسي (ليبيا))، أو لم تؤكدها الدائرة التمهيدية بالمحكمة بسبب نقص ما يثبت صلة الاتهامات بالمتهم (قضايا الادعاء ضد كاتانغا ونغودجولو (جمهورية الكونغو الديمقراطية) والادعاء ضد موتاورا وآخرون (كينيا)) أو بسبب التفسير التقييدي لتعريف بعض الجرائم، وإن كان هذا التفسير لا يتفق أحياناً من الفقه القانوني الدولي (قضايا الادعاء ضد بيمبا (جمهورية أفريقيا الوسطى) والادعاء ضد موتاورا وآخرون (كينيا)).

إجمالاً، في ثلث اتهامات جرائم العنف الجنسي لم تتأكد الاتهامات، وبالتالي لم تصل الاتهامات إلى مرحلة التقاضي. ومن ثم، فلابد من منح جرائم العنف الجنسي اهتماماً أكبر في أعمال الفحص الأولي والتحقيقات الخاصة بمكتب الادعاء ولابد أن يشتمل التحقيق على خبراء متخصصين. لابد من عرض الاتهامات التي تعكس واقع جرائم العنف الجنسي كلما وجدت أسانيد كافية لها ولابد أن يكون نظر استحقاق توجيه اتهامات الجرائم الجنسية متفقاً مع الفقه القانوني الدولي القائم.


5. يجب توفير الدعم لجهود التقاضي والتحقيق التكميلية على الصعيد الوطني

للمحكمة الجنائية الدولية اختصاص في القضايا عندما تكون المحاكم الوطنية غير قادرة أو مستعدة للتحقيق بشكل حقيقي وفعال في الجرائم الخاضعة لاختصاصها القضائي وأن تقاضي مرتكبيها. ولأن المحكمة الجنائية الدولية تلاحق الأشخاص الأكثر مسؤولية عن الجرائم الخاضعة لاختصاصها؛ فإن تنفيذ هذا المبدأ وبدء ملاحقات قضائية فعالة على المستوى الوطني يساعد في التغلب على مشكلة "ثغرة الإفلات من العقاب". تحتفظ الدول بالمسؤولية الأولى والأساسية عن ملاحقة الجناة في الجرائم ولا يمكنها التخلي عن التزامها بإحالة القضايا إلى المحكمة الجنائية الدولية. على النقيض، يتعين على الدول الأطراف في النظام الخاص بالمحكمة تكييف تعديلاتها بحيث تُمكَّن من التحقيق والملاحقة القضائية للجناة في الجرائم الدولية على المستوى الوطني، بما في ذلك مراعاة اعتبارات الاختصاص القضائي العالمي وخارج أراضي الدولة، ومجريات التقاضي بموجب هذا المبدأ.
ترحب الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان بجهود مكتب الادعاء التي تشجع على فتح تحقيقات والمبادرة في ملاحقات قضائية مستقلة وفعالة على المستوى الوطني، لا سيما في إطار الفحص الأولي والتحقيقات الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية، وفي معرض تطبيق سياسة "التكاملية الإيجابية" لجهود التقاضي. إلا أن هذه الجهود مثل الكثير من البرامج الدولية والبرامج الوطنية، تتكون بالأساس من بنود دعم فني. لكن من المهم التصدي لمشكلة غياب الإرادة السياسية والبحث فيها في إطار إضافة الآليات الإضافية والمفاوضات ثنائية ومتعددة الأطراف.


6. يجب توفير الشفافية وتعظيم أثر عمليات الفحص الأوّلي من قبل المحكمة

يجري مكتب الادعاء عمليات فحص (تحليل) أوّلي لعدة حالات في أفغانستان وكولومبيا وجورجيا وغينيا والهندوراس وكوريا ومالي ونيجيريا، وعلى أساس عمليات الفحص والتحليل هذه، فسوف يقرر المكتب فتح تحقيق من عدمه. ومن واقع تأثير السلطة الفلسطينية، قرر مكتب الادعاء مؤخراً ألا يفتح فحصاً أولياً في أوضاع الأراضي الفلسطينية المحتلة، إذ قال بأن لا اختصاص له بالتحقيق في أوضاع فلسطين. في ديسمبر/كانون الأول 2011 أصدر مكتب الادعاء تقريراً عن الأنشطة التي يجريها في هذا الإطار. إذا كان للتحليل الأولي أثراً رادعاً محتملاً، فلابد من إجرائه لتشجيع الجهود التكميلية على المستوى الوطني وذلك في إطار فترة زمنية معقولة. من ثم من المهم أن يعلن مكتب الادعاء بشكل منتظم عن مستجدات هذه الفحوصات الأولية، لتعزيز أثرها على المستوى الوطني، لما لها من أثر وقائي إيجابي محتمل. وعلى مكتب الادعاء أن يبحث في الحالات الخاضعة للتحليل الأولي بشكل أكثر اتساقاً وسرعة، بما في ذلك بأن يعرض على قضاة الدائرة التمهيدية بالمحكمة تقارير تقييم للأوضاع تمهيداً لبدء تحقيقات بموجب المادة 53 (1) من النظام، مع إخطار الدائرة التمهيدية بأي قرر بعدم البدء في التحقيق و/أو وقف التحقيقات، وأن يفسر علناً أسباب هذه القرارات. على هذا الأساس، يصبح للضحايا مبررات قانونية للتدخل ولعرض آرائهم.


7. يجب تعظيم أثر المحكمة الجنائية الدولية على المجتمعات السكانية المتأثرة

المحكمة الجنائية الدولية – ومقرها لاهاي – بعيدة كل البُعد عن الحالات التي تحقق فيها، وهي محكومة بنظام قانوني فريد من نوعه بالغ التعقيد. لا أمل للمحكمة في أن يكون لها أثر إذا ظلت غير معروفة للكثيرين، أو إذا أساء الناس فهمها وفهم طبيعتها، خصوصاً أنها تسقط بسهولة ضحية للمعلومات المغلوطة التي يتم بثها عنها، وهذا الأمر مؤشر على الجدية في التعاطي والتفاعل مع فعاليتها المحتملة.

بناء عليه، فمن الضروري أن تحافظ المحكمة وتدعم أنشطتها الخاصة بالتعريف بها ميدانياً. لابد أن تقوم الدول من هذا المنطلق بدعم قطاعات سجل المحكمة ذات الصلة بهذه المسألة مالياً. ولدى فتح تحقيق، لابد أن يُتاح لسجل المحكمة الوصول إلى الشعوب المتأثرة بالتحقيق من أجل تقديم معلومات متسقة لهم عن أنشطة المحكمة الجنائية الدولية ولتعظيم أثر المحكمة. هذه الأنشطة كثيراً ما تتأخر بسبب الإجراءات الكثيرة والمعقدة لفتح مكتب ميداني للمحكمة. لابد من العثور على بدائل، مثل استئجار مكاتب مؤقتة من أجل أنشطة التعريف بالمحكمة، وهو ما سييسر وصول الضحايا إلى المحكمة. يمكن لأنشطة التعريف بالمحكمة المختلفة أن تحسن من نشر المعلومات عن المحكمة وتوضح إجراءاتها المعقدة للغاية.

كما يجب تشجيع المحكمة – بما في ذلك من خلال الدعم المالي للدول الفرانكفونية والناطقة بالفرنسية – على الاحتفاظ بترجمات فرنسية (من اللغات الرسمية للمحكمة) لمداولات وقرارات المحكمة، لا سيما في الحالات المرتبطة بأماكن ناطقة بالفرنسية.


8. يجب دعم المشاركة والتمثيل الفعالين للضحايا

مشاركة الضحايا في مجريات ومداولات المحكمة تطور كبير وهام في نظام روما المنشئ للمحكمة. الهدف هو العودة إلى ضحايا الجرائم، الذين تم تجاهلهم في المحاكم الدولية المؤقتة السابقة التي لم تسمعهم إلا بصفتهم شهود، وهذا الهدف يعتبر ذو مكانة مركزية في نظام العدل الدولي الجديد، ويعطي للنظام أهميته الحقيقية. هذا الهدف يلقي الضوء بقوة على حقيقة أنه من غير المعقول لقضاة المحكمة الجنائية الدولية في الجرائم الكبرى التي تؤذي ضمير الإنسانية، ألا يلتفتوا بالشكل الكافي إلى ضحايا هذه الجرائم.
لابد من تحسين نظام مشاركة الضحايا، من خلال السماح لقسم مشاركة الضحايا وتعويضهم في سجل المحكمة باستحداث أنشطة ميدانية وإخطار الضحايا بحقهم في المشاركة وتفاصيل هذا الحق، ما إن يتم افتتاح تحقيق، أو ما إن يصدر أمر توقيف أو استدعاء بالمثول أمام المحكمة. لابد أن تخصص الدول تمويلاً إضافياً من أجل المراجعة السريعة لطلبات المشاركة.
لابد من تقييم نموذج المشاركة الجماعية في قضية غباغبو قبل استخدامه مرة أخرى في أية قضايا أخرى، على ضوء كفالة حقوق الدفاع وعلى ضوء مراعاة مصالح الضحايا.

لا يشارك الضحايا بشكل مباشر في مجريات عمل المحكمة، لكن من خلال ممثليهم القانونيين. من المهم للغاية ألا يجعل إصلاح نظام المساعدة القانونية الحالي من مشاركة الضحايا أمام المحكمة الجنائية الدولية، مشاركة لا معنى لها، إذ يجب أن يأخذ الإصلاح في اعتباره الطبيعة الخاصة لتمثيل الضحايا القانوني. من الضروري ضمان أن يكون التمثيل القانوني مستقلاً عن المحكمة، من قبل محامين في الدول المتأثرة بالحالة محل النظر في المحكمة، أو من محامين على دراية خاصة بالموضوع، مع وجود صلة مستمرة بفريق عمل ميداني.


9. يجب ضمان الانتصاف والدعم للضحايا والمجتمعات السكانية المتأثرة

المحكمة الجنائية الدولية هي أول محكمة جنائية دولية لها ولاية الحكم بالانتصاف للضحايا. القرار الأول في هذا الشأن من المنتظر أن يصدر خلال أيام قليلة في قضية لوبانغا. لابد أن يفسر قضاة الجنائية الدولية إجراءات الانتصاف "على ضوء الإرجاع إلى الوضع السابق، والجبر وإعادة التأهيل"، أخذاً في الاعتبار المبادئ الأساسية والتوجيهية المتعلقة بالحق في الانتصاف والجبر لضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي، مع مراعاة الفقه القانوني الدولي لحقوق الإنسان.

في هذا الإطار، يمكن للمحكمة أن تأمر الدول بتنفيذ أوامر انتصاف متعلقة بتجميد أصول المتهمين، ومن حيث المبدأ، فالدول ملتزمة بالتعاون. يجب على المحكمة أن تعزز إجراءاتها في هذا المجال، بما في ذلك من خلال تحسين التنسيق بين مختلف هيئاتها وتحسين الاتصالات مع الدول من أجل تعريفها بالحاجة إلى تعاون أفضل. تحتاج المحكمة لأن تصبح قادرة على إنشاء آلية لإدارة ومراقبة الأصول المُصادرة لضمان ألا تتضاءل قيمتها. لابد أن تقدم الدول للمحكمة معلومات فنية دقيقة عن الأصول المُصادرة.
ولاية "صندوق الضحايا" هي تنفيذ أوامر الانتصاف والجبر الصادرة عن المحكمة، وأيضاً أن ينفذ الصندوق بمبادرة منه، برامج مساعدة طبية ونفسية. تشجع الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان الصندوق على الاستمرار في تطوير أنشطة الدعم التي يقدمها، وهي تكميلية لولاية الانتصاف والجبر الخاصة بالمحكمة. ترحب الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان بالجهود المبذولة تجاه زيادة الشفافية في إدارة الصندوق، وحقيقة أنه سيصبح قريباً من المتاح للصندوق تلقي إسهامات من الشركات والمنظمات غير الحكومية، بالإضافة إلى الإسهامات الطوعية المقدمة من الدول. تدعو الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان الدول إلى تنظيم تقديمها للإسهامات الطوعية للصندوق، وأن توفر مرشحين مستقلين من ذوي الخبرة والمعرفة بهذه الأمور لانتخابهم في مجلس إدارة الصندوق القادم، وهي الانتخابات المزمع إجرائها أثناء الجلسة الحادية عشرة لجمعية الدول الأطراف بالمحكمة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل في لاهاي.


10. يجب دعم حماية الشهود والضحايا والوسطاء

تجري المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاتها في مناطق النزاعات الحالية. لتيسير المضي قدماً في مداولات وإجراءات المحكمة، وأيضاً بسبب محدودية الموارد، تستخدم المحكمة الجنائية الدولية العديد من الوسطاء. لا يكون هؤلاء الوسطاء دائماً بديلاً عن التدخل المباشر للمحكمة (تحديداً في التحقيقات، كما أوضح القضاة في قضيتي لوبانغا ومباروشيمانا تحديداً). إلا أن تدخل الوسطاء ضروري نظراً لقدرتهم على الوصول إلى السكان المحليين، ولفهمهم اللغات والسياقات المحلية، ونظراً لصعوبة الأوضاع الأمنية، التي تؤدي لقدرتهم دون غيرهم على مقابلة الضحايا والشهود دون لفت الانتباه إلى أنفسهم. ترحب الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان بإضفاء الطابع الرسمي على هذا التعاون وبصياغة أدلة توجيهية للتعاون بين المحكمة والوسطاء. لابد من تبني هذه الأدلة التوجيهية سريعاً. ويبقى من الضروري أن يُحكم تنفيذ الأدلة بدرجة كافية من المرونة بما لا يزيد من تعقيد مهام الوسطاء، وبما يؤدي إلى توفير إجراءات شفافة وفعالة لحماية الوسطاء.

ومن أجل الإسهام في برنامج حماية المحكمة الجنائية الدولية؛ يجب على الدول أن توقع اتفاقات إعادة توطين مع المحكمة، ويكون ذلك في أغلب الأحيان آلية الحماية الوحيدة الممكنة، نظراً لسياق النزاع في مختلف الدول. لابد أن تكون الحاجة لإدارة نظام فعال ومستقل للحماية في قلب المناقشات القادمة للمحكمة – وكذلك الدول الأطراف – على صلة باستراتيجية المحكمة الجنائية الدولية التكميلية، في الحالات التي تُحفظ فيها التحقيقات وتُختتم القضايا.

روابط مفيدة (بالعربية):

الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، "الحجب عن المساءلة: عدم رغبة إسرائيل في التحقيق وملاحقة الجرائم الدولية"، يناير/كانون الثاني 2012

الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، "المحكمة الجنائية الدولية ودارفور: أسئلة وأجوبة"، أبريل/نيسان 2011

روابط مفيدة (بالإنجليزية):

صفحة "المحكمة الجنائية الدولية" على موقع الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان

أقرأ المزيد