استمرار ملاحقة المهاجرون في ليبيا-عودة بعثة تحقيق

19/06/2012
البيانات الصحفية
ar en fr

الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان – شبكة ميغرأوروب Migreeurop – شبكة عدالة بلا حدود للمهاجرين

إثر إرسال بعثة تحقيق إلى ليبيا بين 7 و15 يونيو 2012، رصدت منظماتنا وضعا مثيرا للقلق فيما يخص معاملة المهاجرين في ظل البلبلة السائدة حاليا في ليبيا.

مع احتياطيات النفط الغنية وعدد قليل من السكان،،كانت ليبيا في عهد القذافي تلجأ بشكل واسع للأيدي العاملة من المهاجرين من أجل لتمكين سير الاقتصاد.و بعد مرور أكثر من ستة أشهر على نهاية النزاع الذي دفع بمئات الآلاف من المهاجرين إلى الفرار إلى تونس ومصر والدول المجاورة في منطقة جنوب صحراء أفريقيا يتعرض المهاجرون الموجودون حاليا في ليبيا لانتهاكات خطيرة لحقوقهم الأساسية.

في ظل استمرار الانفلات الأمني داخل البلد وغياب سلطة مركزية قادرة على ممارسة الحكم في ليبيا كلفت بعض المليشيات المسلحة نفسها بـ "مهمة" إدارة قضايا المهاجرين ومنحت نفسها سلطة ذلك خارج أي إطار شرعي. إذ تقوم هذه المليشيات في كل أرجاء البلد بتفتيش وتوقيف واعتقال هؤلاء الأجانب في مراكز احتجاز/اعتقال أقيمت بصفة مرتجلة. وتحت غطاء انشغالها بالوضع الأمني وحماية البلد و"تطهيره من المهاجرين غير الشرعيين" تقوم هذه الجماعات المسلحة بـ "ملاحقة" المهاجرين مستهدفة بشكل خاص أولئك القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء.

وقد تمكنت البعثة من زيارة خمسة مراكز احتجاز في طرابلس وغريان (في جبل نفوسة) وفي بنغازي. بعد توقيف المهاجرين المعتبرين "غير شرعيين" في نقاط تفتيش أو في بيوتهم يتم نقلهم إلى هذه المراكز التي تديرها الكتائب دون أي مراقبة من السلطات الحكومية. وتسود هذه المراكز ظروف معيشية سيئة وغير لائقة وتمكنت البعثة من جمع العديد من الشهادات التي تتحدث عن حالات سوء معاملة وعنف جسدي وإهانات. وقد لاحظت البعثة وجود نساء وأطفال صغار في السن وقصر بدون أوليائهم إضافة إلى مرضى. ويعيش المهاجرون واللاجؤون في حالة من القلق بشأن المستقبل بسبب انقطاع السبل الشرعية وعدم إمكانية الاستعانة بالهيئات الوطنية أو الدولية. ووفقا للمعلومات المستقاة يجد هؤلاء أنفسهم أمام واحد من هذه الحلول، إما الترحيل عبر رحلات تنظمها المنظمة الدولية للهجرة أو قبول عروض "عمل إجباري" يقترحها عليهم مسيرو المراكز أو دفع أموال للحراس أو كما يحدث في بعض الأحيان الإفراج بسبب اكتظاظ تلك المراكز.

وقد تلقت البعثة عدة معلومات من مصادر مختلفة مفادها أن هناك شبكة متشعبة مكونة من مهربين ومليشيات مسلحة ومقاولين جشعين يستغلون ضعف المهاجرين لابتزاز أموالهم (بين 700 و 1000 دولار) واستغلالهم على طول مسارات الهجرة.

وفي إطار سياسة مكافحة الهجرة غير الشرعية يتعاون خفر السواحل الليبية مع سياسة تفويض مراقبة حدود الاتحاد الأوروبي بإلقاء القبض على المهاجرين في عرض السواحل الليبية. واستنادا إلى الاتفاقيات التي أبرمها القذافي ، السلطات الليبية الجديد تطالب من الاتحاد الأوروبي وإيطاليا على وجه الخصوص باستئناف مساعداتهم المالية والمادية والتقنية ملوحين بخطر غزو المهاجرين لأوروبا انطلاقا من ليبيا. كما استمعت البعثة لشهادات بعض اللاجئين قد تدل على وجود حالات إبعاد نحو ليبيا في انتهاك للالتزامات الدولية(كما أكد في قضية حديثة أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، هيرسي ضد إيطاليا، 23 فبراير 2012).

ويبدو أن هناك حاليا انتشارا واسعا لكره الأجانب في المجتمع الليبي مع تجليات واضحة للعنصرية ضد الأفارقة السود. بعد أن كان المهاجرون يتهمون بأنهم "مرتزقة القذافي" إبان النزاع أصبحوا الآن يتهمون بجلب الأمراض والمخدرات وغيرها من الآفات إلى البلد.

أما بالنسبة للمهاجرين القادمين من القرن الإفريقي فليس لديهم أي إمكانية للاستفادة من حماية مؤكدة في البلدان المجاورة ولا في ليبيا. وبالتالي فلا خيار لديهم سوى اللجوء إلى أوروبا أملا في إيجاد ما يصبون إليه من حماية ومساعدة شرعيتين. غير أن السياسة التي تتبعها أوروبا في غلق الحدود تمنع أي إمكانية للدخول إلى أوربا بصفة شرعية ما يجبر هؤلاء الرجال والنساء وحتى الأطفال في بعض الحالات على تعريض حياتهم للخطر على متن قوارب غير آمنة ومحاولين الإفلات من خفر السواحل الليبية.

ولاحظت البعثة في مراكز الاحتجاز وفي الأحياء الفقيرة في طرابلس حيث يختبئ اللاجؤون الإريتريون والصوماليون والإثيوبيون أنهم لا يستفيدون من أي حماية وأنهم يعيشون في خوف دائم من السلطات وفي فقر مذقع بما أنهم محرومون من حق الإقامة وحق العمل.

كما يعيش عشرات الآلاف (بين 30 و 40000) من "المشردين داخليا" الليبيين من تاورغاء في حالة من الحرمان وغياب الأمن. فبعد أن اتهموا بالتواطؤ جماعيا مع نظام القذافي وبارتكاب جرائم ضد سكان مصراتة اضطر جميع سكان مدينة تاورغاء إلى الفرار ونزح معظمهم إلى طرابلس وبنغازي. وهم يعيشون حاليا في مخيمات لا يكادون يجرؤون على الخروج منها خوفا من الاعتداءات بل حتى من القتل وغيرها من أعمال العنف من قبل المليشيات المسلحة التي تسعى إلى الثأر في مصراتة .

وفي ظل الغياب الحالي للعدالة القادرة على التحقيق في الجرائم ومحاكمة مرتكبيها من الصعب جدا التوصل إلى مصالحة في المستقبل القريب ويبقى الباب مفتوحا أمام كل محاولات الأفراد للثأر.

في ضوء هذا الوضع الخطير الذي عاينته البعثة فإن الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان و شبكة ميغرأوروب وشبكة عدالة بلا حدود للمهاجرين:

  • تدعوا السلطات الليبية لاتخاذ تدابير عاجلة من أجل وضع حد للممارسات التعسفية والقمعية التي تقوم بها مختلف المليشيات ضد المهاجرين ووضع سياسة خاصة بالهجرة في إطار دولة القانون تكون بمثابة قطيعة تامة مع السياسات القمعية والإجرامية التي ميزت نظام القذافي.
  • تطالب المجتمع الدولي وعلى وجه الخصوص الدول الأوروبية بالتخلي عن سياسة تفويض مراقبة الحدود واللجوء وضمان استقبال اللاجئين لكي لا يضطروا إلى تعريض حياتهم للخطر عبر المرور من ليبيا وركوب البحرعلى متن قوارب هشة.
  • تدعوا الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي و خاصاً مالطا وإيطاليا بالتوقف عن ممارسة الإبعاد في البحر نحو ليبيا.
  • توصي الدول والمؤسسات الأجنبية التي تستأنف استثماراتها في ليبيا معتمدة على اليد العاملة الأجنبية باشتراط الاحترام التام لحقوق العمال المهاجرين فيما يخص الأجور والحماية الاجتماعية وظروف العيش قبل التوقيع على أي عقد.
أقرأ المزيد