تونس : عدّة مدافعين عن حقوق الإنسان يتعرضون للاعتداء من قبل قوّات النّظام العام أو يقعون ضحايا تتّبعات تعسّفية.

تونس - جنيف - باريس بتاريخ 1 أكتوبر 2014 - مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان
و هو برنامج مشترك بين المنظّمة العالمية لمناهضة التّعذيب و الفيديرالية الدّولية لروابط حقوق الإنسان، يدين الاعتداءات المرتكبة في حق نشطاء حقوق الإنسان و المدافعين عنها و يدعو السلطات التونسيّة إلى الالترام بالإجراءات القانونية كلّما تعلّق الأمر بمخالفات ارتكبتها الجمعيات.

طوال الشهّرين الفارطين أثار انشغال المرصد تزايد الانتهاكات و الاعتداءات و التهديدات المستهدفة لنشطاء حقوق الإنسان و المدافعين عنها. ذلك أنّه من شأن مثل هذه الأحداث المؤسفة، إن تواصلت، أن تهدّد بإرباك المناخ الاجتماعي و السّياسي خلال هذه الفترة الحاسمة التي تعيشها تونس. كما أنّ قرب الانتخابات التشريعية و الرئاسية المقرّرة لنهاية 2014، لهو مدعاة لأن تثبت قوات حفظ النظام، أكثر من أيّ وقت آخر، قدرتها على أن تكون مثالية في تصرّفاتها رغم ما يطبع الظّرف من توتّر ينجرّ عن خطر التهديدات الإرهابيّة.

في 30 أوت 2014، و بجربة، تعرّضت المدّونة لينا بن مهنّي، وهي تحت حماية أمنية لصيقة، إلى الاعتداء من قبل أعوان شرطة أمام مقرّ منطقة الأمن بحومة السوق ثمّ داخله. و إذ سارع والدها، النّاشط الصّادق بن مهنّي، ما إن بلغه خبر الاعتداء الحاصل، بالتحوّل على عين المكان فلقد تعّرض بدوره للاعتداء اللّفظي و الجسديّ من قبل أعوان شرطة.

و خلال الليلة الفاصلة بين 24 و 25 أوت، و بسوسة، تعرّضت هالة بوجناح، عضوة منظّمة " الجيل الجديد النشيط" للاعتداء من قبل أعوان شرطة عندما قصدت مركز أمن بغية التثبت في ظروف احتفاظ أخيها و مدى احترام حقوقه كمحتفظ به. كما أنّها أصبحت الآن موضوع ملاحقات عدلية بعدة تهم منها " هضم جانب موظّف عموميّ أو شبهه حال مباشرته لوظيفه أو بمناسبة مباشرتها." علما أنّفي الطور الابتدائي، يوم 22 سبتمر، المحكمة برئتها من هذه التهمة و لكن في المقابل أصدرت حكم ادانة من أجل ارتكابها مخالفة متعلقة بالراحة العامة.

و في 8 جويلية بصفاقس، حصل اعتداء من قبل أعوان شرطة على أحمد كعنيش، النّاشط الذي سبق له أن شغل خطّة مساعد تحرّيات لدى منظمة "هيومن رايتس ووتش". و إثر الاعتداء مباشرة، تمّت ملاحقة السيد كعنيش عدليا. و تدعو القضية التي رفعت ضدّه إلى الاعتقاد أنّها لا تعدو أن تكون سوى افتعال بل اختلاق لا أساس له الغاية منه معاقبته على أنشطته في مجال الدّفاع عن حقوق الإنسان.

و قبل ذلك، في ماي 2014 تمّ إيقاف المدوّن عزيز عمامي، بمعيّة المصّور الفوتوغرافي صبري بن ملوكة. و أبلغ مراقبون في مجال حقوق الإنسان تمكّنوا من زيارتهما في مركز الإيقاف ببوشوشة، أنّهم لاحظوا آثار تعنيف خصوصا على وجه عزيز عمامي، و خضع الناشطان الشابان للملاحقات العدليّة،

و وضعا رهن الإيقاف التحفّظي قبل أن يطلق سراحهما بمفعول حكم بعدم سماع الدّعوى قضت به المحكمة الابتدائيّة بتونس في 23 ماي 2014.

" نخشى أن يكون الغرض من هذه الهجمات هو ترهيب المدافعين عن حقوق الإنسان السّاهرين على احترام الحقوق المدنيّة و السّياسية لجميع المواطنين. و في هذه اللحظة الحسّاسة، من المهمّ أن تظهر السلطات التونسية بوضوح تعلّقها باحترام الحقوق و الحرّيات التي كرّسها دستورها الجديد و حرصها على عدم التّساهل مع أيّ تجاوز"، هكذا صرّح كريم لحيدجي، رئيس الفيديرالية الدّولية لحقوق الإنسان.

و إنّ المرصد ليدعو السّلطات إلى اتّخاذ الإجراءات اللازمة لوضع حدّ لهذه الانتهاكات التي طالت حقوق الإنسان و إلى أن تشرع فوريا في إجراء تحقيقات محايدة و جدّية بخصوص الأحداث المشار إليها أعلاه، التي تبعث على الخشية من وجود خطر ارتداد إلى الوراء يطال حرّية التّعبير رغم الضمانات الجديدة الدستوريّة منها و التشريعية.

و علاوة على ما سلف ذكره يعبّر المرصد عن قلقه بخصوص قرار جويلية 2014 الصّادر عن خليّة الأزمة الحكوميّة المكلّفة بمتابعة الوضع الأمنيّ و القاضي بإيقاف أنشطة أكثر من 150 من الجمعياتوالمنظّمات بسبب علاقاتها المفترضة بالإرهاب. و لأنّ في هذا القرار خرق لحقّ حرّية التنّظم في جمعيات، يدعو المرصد السّلطات إلى الالتزام بالمعايير الوطنيّة و الدّولية. كما يلاحظ المرصد أنّ القرار المعنّي يخالف أحكام المرسوم عدد 88- 2011 المؤرّخ في 24 سبتمبر 2011 و المتعلّق بتنظيم الجمعيات و الذي يضبط المراحل و التراتيب الواجب اتّباعها عند تسليط العقاب على الجمعيات: إذ ينصّ الفصل 45 من المرسوم إيّاه على أنّ العقوبات لا يمكن أن تصدر إلاّ عن القضاء.

كما يسود المرصد الانشغال بسبب الأقوال الثالبة التّي طالت عددا من المحامين الّذين أخذوا على عاتقهم مهمّة الدفاع عن ضحايا الثورة و/أوعن أشخاص يشتبه في أنّهم ارتكبوا أفعالا إرهابية، و من هؤلاء المحامين الأستاذة إيمان الطريقي، رئيسة جمعيّة حرية و إنصاف، التي أضحت، منذ أن عقدت ندوة صحفية، في 12 ديسمبر 2013، تناولت فيها موضوع حالات تعرضّ أشخاص للتعذيب و لمعاملات مسيئة، مستهدفة باستمرار بمزاعم لا أساس لها من الصحّة تصدرعن بعض أعوان قوات النظام العام.

و منهم كذلك الأستاذ شرف الدّين القلّيل، الذي بذل جهدا كبيرا للدفاع عن ضحايا الثورة. فهو قد أصبح عرضة للمضايقات ولحملات تشهير و قدح مركّزة، يحرّكها أعوان تابعون لقوات النظام العام. و لقد تمّت ملاحظة هذه الحملات ومعاينتها ضمن بعض الحصص التلفزيّة و لكن أيضا خلال جلسة محاكمة انعقدت بالمحكمة الابتدائيّة بالقصرين، في 27 ماي 2014، إذ تعّرض الأستاذ شرف الدّين القلّيل في رحاب الجلسة ذاتها إلى التهديد و الوعيد من قبل رئيس إقليم الشرطة بالقصرين عينه. علما أنّ هذه الحادثة الخطيرة هي موضوع بحث عدليّ قيد الإجراء.

" يمثّل التصدّي للإرهاب تحدّيا يوميا يستدعي تضافر جهود متدخلين عديدين و جهود كلّ مواطن يطمح إلى نجاح الانتقال الدّيمقراطي، غير أنّه لا يصّح أن يتمّ هذا التصدي على حساب الحرّيات الأساسيّة، كحريّة التنظّم، و حريّة التعبير، و حقّ الدفاع أو احترام الحرمة الجسديّة و الكرامة البشرية" هذا ما أكّدته قابريال رايتر مديرة مكتب تونس للمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب.

أقرأ المزيد